فرزت زيارة الرئيس الفرنسي للبنان من خلال مبادرته الحكومية اللبنانيين بين مطيعين بدون شروط و موافقين بشروط و هذا الفرز أطاح بجملة التحالفات القائمة و خاصة بين الجماعة الوحيدة المتبقية وهي جماعة 8 آذار فبدا التباين بين التيّار الوطني الحر و حزب الله انقلاباً على تفاهم مار مخايل و بدا العهد بكامل حلفائه أكثر من خصم سياسي للحزب الذي صنع العهد على عينه من الإستحقاق الى الثورة .
تبيّن للقاصي و الداني أن الثنائي الشيعي هما و حدهما 8آذار بعد أن فرط عقد التحالفات و الصداقات ولم يبق في مشهد التضامن مع موقف الثنائي أحد من المستفيدين بعناوين الإستفادة كافة لا من التيّار الذي وفّر له الحزب سُبُل السلطة و كرّسه سبيلاً سياسياً في كل الحكومات وضمن له استقواءه المسيحي وجعله معادلاً لا بميزان السياسة بل بميزان الحكم . ولا من غيره ممن نمت أكتافهم من خيرات شجرة الممانعة وسواء كانوا تجمعات حزبية أو بقايا حالات طائفية أو علمانية أو شخصيات جامحة و طامحة بمنصب أو بزوادة .
حتى أن مجموعة الكناري و الحساسين من إعلاميين و محللين استراتيجين طيّروا و ما عادوا يترغلون بالعربي أو بالفارسي و هذا ما كشف حجم الزبائنية السياسية في سلة 8 آذار و هذا ما أحرج الثنائي الشيعي الذي وجد دوره مأكولاً و بلا رصيد و طني و كل ما تبقى له حضوراً طائفياً فبات مستنداً لحائط المجلس الشيعي كي يرتجي دفاعاً عن موقف المثالثة في الحكومة كضرورة ميثاقية .
إقرأ أيضا : الثنائي من تشكيل الحكومات الى التمسّك بوزارة
طبعاً لن تعيد قيادتي الثنائي حساباتها مع حلفائها تبعاً لصوابية الرؤية في كل شيء مهما اتضح ضباب الرؤية طالما أن الحواريين يقدسون ولا يسألون و هذا ما سيدفع الى تمرير كرات السياسات الخاطئة دون الإلتفات الى الأسباب المؤدية لتراجع دوري الثنائي في إدارة البلاد و خسران سياسة الإمساك بالسلطة و الوصول الى مرحلة التشبث بوزارة بعد أن كانت الحكومة كاملة هي وزارتهما .
طبعاً ثمّة مزاج عال يسهل عملية الهضم السريع للأزمات مهما كانت مؤذية و مؤلمة خاصة و أن عقلية المؤامرة ناضجة جداً في تحليل الأزمات و من ثم أزمة الثقة بالأخر مهما كانت درجة العلاقة معه هي الوجه الآخر لعقلية المؤامرة لذا لا مكان لجدلية البحث عن الظروف الموضوعية طالما أن الغيب الطائفي يكشف عن المخبوء و المستور .
من الصعب لي ذراع الرئيس بري طالما أن سيفه حزب الله لذا ستقف المبادرة الفرنسية و الإجماع الداخلي عليها عند حدود الدور الشيعي في الحكومة من خلال وزارة المالية التي هي عبء كبير على الطائفة قبل غيرها في ظل ضياع بلاد و عباد مقرون بتصفح سهل لطائفة تعتبر نفسها خارج الأزمة مقابل تصفح صعب لطوائف تعتبر نفسها داخل الأزمة وترى فرنسا أم الولد اللبناني و هي المنقذة الوحيدة للبنان كي لا يصل الى جهنم .