ما زال المفتي الجعفري " الممتاز" الشيخ أحمد قبلان مُصرّاً على دخول المعترك السياسي من أبوابه المُشرّعة، بعيداً جدّاً عن مُهماته الدينية الموكلة إليه، وذلك دفاعاً عن الثنائية الشيعية، بمواقفها السياسية البائسة التي أوصلت البلد إلى
ما هو عليه من سوء الأوضاع والحال والمصير( مع حلفائها بالطبع)، فانبرى سماحة المفتي للرّد على غبطة البطريرك مار بشارة الراعي، الداعي إلى الحياد الايجابي أولاً، وتسهيل المبادرة الفرنسية، واعتماد المداورة في المقاعد
الوزارية تالياً، ولم ينسَ المفتي تذكيرنا بأنّه مع الدولة المدنية، ومع دولة المواطنة والحريات والممارسة الديمقراطية، إلاّ أنّه في ذات الوقت انبرى للدفاع عن موقف الثنائية الشيعية بالإحتفاظ بوزارة المالية أولاً، وحقّ تسمية الوزراء
الشيعة في أية تشكيلة حكومية مُرتقبة، ما يعني عرقلة آخر محاولة إنقاذية "فرنسية" للبلد.
إقرأ أيضا : القوات اللبنانية تتعرّض لهجمة ظالمة من ذوي القُربى.
مع تكرار إصرار المفتي الجعفري على المساجلات السياسية، نرغب هنا في مساجلته باعتبارنا من أبناء الملّة والمذهب عينه الذي ينتمي له سماحة المفتي، لذا نبدأ بالتّساؤل: كيف ارتضيت أن تُدافع عن ثنائي سياسي ( شيعي) غارق
حتى أذنيه في الفساد وهدر المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ وتكديس الثروات، ( بالمحاصصة والتشارك مع أقطاب السلطة الفاسدة)، مع امتيازٍ إضافيٍّ هو الأدهى والأخطر، وهو القيام بحماية منظومة الفساد، أي
السيستام بكامله، "systeme"، وتدري ما هو السيستام يا فضيلة الشيخ! هو نظامٌ لا تستطيع أن تخرج على أدقّ تفاصيله، ولا أن تُدخل أي عنصرٍ جديد فيه محلّ عنصرٍ قديم، ولربما هذا يُفسّر لماذا بقيت ملفات الفساد المالي التي
يحتفظ بها النائب حسن فضل الله طيّ الكتمان، ولربما يُفسّر أيضاً إصرار الثنائي الشيعي على الإحتفاظ بوزارة المالية( دون أن نُغفل خطورة الارتباطات الإقليمية)، وسيستام الفساد لا يقبل أي تلاعبٍ به، شأنهُ شأن أي سيستام آخر،
فأنت إذ يُثقب إطارُ سيارتك، من غير شرّ، لا تجد نفسك حُرّاً في استبداله بأيّ إطارٍ كان، من هنا تجشيم نفسك عناء الحمل الدائم لإطارٍ من طراز الإطارات التي تستعملها، بل إنّك إذا انقطع زرٌ من أزرار قميصك أو سترتك، لا تجد
نفسك مطلق اليد في استبداله بأيّ زرٍّ كان، تحت طائلة تعريض " هيئتك" بأسرها للتّساؤل، فإذا كان هذا في الأمور النافلة، فكيف به في أعوص الأمور على الإطلاق، كتأليف حكومة لبنانية تحتاج للإحاطة بكثيرٍ من الأمور، ومُراعاةٍ
لمقاييس ومعايير شتى ودِقّةً أين منها دقّة العمليات الجراحية، لذا يُستحسن يا فضيلة المفتي أن تهتمّ بشؤون وأحوال أبناء الطائفة الشيعية ومصالحهم ومتاعبهم وآلامهم، بدل أن تُقحم نفسك ومعك أبناء الطائفة المحرومين من " نِعم"
الثنائي الشيعي، في متاهات السياسة ومضائق الخلافات الطائفية والمذهبية الموحِشة.