كتبت سوسن الأبطح في "الشرق الأوسط" حالة من الغضب سادت شوارع طرابلس أمس، إثر تشييع الشاب محمد الحصني، الذي وُجد غريقاً على بُعد كيلومترات من السعديات، جنوبي لبنان، بعد محاولته الهرب في أحد قوارب الموت التي باتت تنطلق من شواطئ الشمال، باتجاه قبرص وأوروبا.
يروي أحد صيادي مدينة الميناء في طرابلس المتابعين لما يجري، لـ"الشرق الأوسط"، أن موجة 2015 للهجرة غير الشرعية كانت تتم من تركيا، ويتوجه لبنانيون وسوريون إلى هناك للعبور إلى أوروبا. لكن ومنذ ما يقارب الشهر تفاقم الوضع ليس من مدينة الميناء فقط، بل من نقاط عدة على الساحل شمال طرابلس وجنوبها. ويقدر بعضهم أن مركبين في اليوم على الأقل ينطلقان من هذه النقاط، وأن الآلاف لغاية الآن تمكنوا من الوصول إلى قبرص وإيطاليا وغيرهما.
"محمد. ص" الذي رفض الكشف عن اسمه، لأنه مصرّ على تكرار المحاولة، ككل الذين تحدثنا معهم ونجوا من الموت، يقول لـ"الشرق الأوسط"، إنه منذ ما يقارب الأسبوع انتظر مع رفاق له مركب التهريب مع زوجته وطفليه الصغيرين مقابل طرابلس. وكان على المركب 30 شخصاً، بعد أن باع حتى أثاث بيته وسدد خمسة ملايين ليرة ونصف (نحو 600 دولار) مقابل تهريبه. «كان الهدف الوصول إلى الشواطئ اليونانية، لكنّ محرك القارب توقف، وكنا لا نزال في المياه الإقليمية اللبنانية. ولحسن الحظ استخدمنا هواتفنا، طلبنا النجدة من صاحب مركب نعرفه وجاء لنجدتنا، ورجعنا منذ خمسة أيام"، ويكمل: "الرعب الذي عشناه لا يمكن تصوره، أو حتى وصفه". وهي ليست المرة الأولى لهذا الشاب، إذ سبق أن حاول العبور من تركيا مع ابنه إلى اليونان، لكن المركب توقف أيضاً وعادا أدراجهما. وهو لن يتوقف عن المحاولة لأنه لم يعد عنده ما يخسره.
رغم أن أحد البحارة يعتبر أن موسم الهجرة إلى الشمال قد يتوقف مع بدء موسم الشتاء وصعوبة الإبحار، فإن طرطوسي، يقول: "هذا محال. ليس عندنا أي شيء هنا. أولادي بعد سنوات سيكونون بحاجة إلى عمل ولن يجدوه، فما الذي ننتظره هنا". وزينب وهي تبكي ولدها الذي فقدته، تسأل من الآن عن طريقة للرحيل: "غير معقول أن أفقد ابني، وأعود لأجد نفسي في لبنان. هذا أمر غير متصور".