أثبتت تجربة الرئيس المكلف مصطفى أديب بمحاولة تأليف حكومة جديدة، أنّها لن تنتهي على خير كما يبدو حتى الآن، كما أظهرت بوضوحٍ حقيقة ثابتة، يغفل عنها البعض أو يتناساها، أو يُفضّل أن لا تكون حقيقة واقعة، وهي أنّ لبنان الكبير بأرضه وشعبه وحكومته ومسؤوليه، مرهونٌ لدى الوليّ الفقيه في إيران، وأنّ من سوء طالع لبنان أن قُيّض للوليّ الفقيه أن يجد في لبنان جماعة " دينية مذهبية" انتظمت حزباً وتلقّت عشرات مليارات الدولارات على مدى أربعة عقود، كردسةً وتسليحاً وتجييشاً وأدلجةً، حتى تمّ هذا الإرتهان بالكامل، وتجربة أديب هي الأخرى " مرهونة" بالإرتهان الأصلي لمقتضيات المصالح الإيرانية في المنطقة العربية والخليج، وما الوهم بمحاولة التّعلّق بحبال المبادرة الفرنسية التي قادها الرئيس الفرنسي ماكرون، إلاّ جني ضياع الوقت وهدر الجهود التي لا يبدو أنّها ستتمخّض عن حلولٍ شافية لمعظلة لبنان الأصيلة: فقدان السيادة الوطنية والاستقلال، والإرتهان للحزب " المرهون" بدوره لقوة إقليمية في المنطقة العربية، والتي لم تُثنِها حتى الآن العقوبات الاقتصادية والمالية الأمريكية، عن كبح جماح سيطرتها وتدخّلها في الشؤون العربية، ولبنان في مقدمتها.
إقرأ أيضا : لبنان الكبير على شفير الهاوية خلال ساعاتٍ معدودات.
لذا ولأسبابٍ عديدة أخرى، هل تعتبر يا سيد أديب( ومعك رؤساء الحكومات السابقين) أنّ وجود حزبٍ مُسلّح، يهيمن على الحياة السياسية اللبنانية، وتمتد جذوره في بيئة طائفية ومذهبية راسخة، هو مجرد " مزحة" تاريخيّة خالية من العواقب، وهل انطلت عليكم أنّ مجرد اجتماع " وُدّي" بين الرئيس الفرنسي ماكرون والحاج محمد رعد( عن حزب الله) يمكن أن يُعطي باريس حظّاً بإحلال بعض " الأحلام الاستعمارية" محلّ التوسُّعات الإيرانية في المنطقة العربية والخليج، أو أنّ الأمر في نهاية المطاف، إن كان لا بدّ من تنازلات من جانب حزب الله، إنّما تكون في صميم حسابات الربح والخسارة في الصراع الأمريكي- الإيراني، لا في مبادرات تجريبية سبق أن جُرّبت مراراً وباءت بالفشل.