اختزل التيّار بشخصه فكثر منتقدوه في صمت الجلسات وهزّ شجرة القيادة فوقعت أسماء تحت الشجرة العونية و اختزل التمثيل المسيحي في السلطة و أخذ الحصة المسيحية الدسمة فتورم قلب القوّات و ترحمت الكتائب على دورها الطليعي في بدايات شبابها و احتكر وزارات التيّار بإمضاءات مسبقة من قبل المستوزرين و زاد احتكاراً للحكومة بعد ان أمسى سعد الحريري بلا صلاحيّات لشدّة ما أصاب الشيخ من ضعف فباتت أغلب الحكومات حكومات محكومة من قبل الأكثرية الوزارية لتيّار الوزير باسيل و هذا ما شمل أيضاً احتكاراً للرئاسة باعتبارها حصراً للتيّار المسيحي الأقوى و ما المحاولات السابقة فيما سُرّب عن احتمال ترئيس الوزير إلاّ دلالة واضحة على نظرية الإحتكار التي أسّس لها التيّار .
هذا الأختزال سبّب ألماً في التجربة العونية و دفع مسيحيّاً الى إعادة النظر من دور التيّار و برز واضحاً مع الثورة التي اجتاحها المسيحيون و كان جرس كنيستهم مجلجلاّ ضدّ الحرو هذا ما جعل التيّار في عزلة مسيحية اتسعت لتصبح مشروع إنقلاب على العهد .
لا يحظى الوزير باسيل بنقطة تأييد واحدة في وسط الطائفة السنية لأسباب كثيرة كما في السواد الأعظم للطائفة الدرزية و هذا ما ينسحب أيضاً على الطائفة الشيعية حيث لا حاجة لذكر خصومته مع حركة أمل لحظة تعدّيه المباشر على شخص الرئيس بري حتى أن جمهور حزب الله لا طاقة له على حمل أقوال و أفعال جبران باسيل .
إقرأ أيضا : النبطية خُبثُ السياسة والتجارة
في الخارج كما الداخل لا يتمتع الوزير بأيّ صلة عربية جيدة ولا بعلاقات أوروبية حتى فرنسا أدارت له ظهرها و هذا ما عرّى التيّار من كل علاقة باستثناء سورية و إيران و هذا ما ضيّق الخناق على العهد بحيث تحملت المرحلة السياسية كاملة مشكلة عدوات التيّار مع نفسه و مع الآخرين و هذا ما أدّى الى عزل لبنان عن محيطه الطبيعي و المعنوي و هذا ما كرّس بُعداً و غربة للبنان عن و سطه العربي و الغربي .
إن منطق الإستقواء بورقة التحالفات و بقوّة الطائفة لملاقاة السلطة و شهوة الملك قد عصف بتيّار بات أكثر الخائفين على قيام انتخابات جديدة مخافة محاسبة المسيحيين و اللبنانيين له على ما أوصل البلاد و العباد من يأس سياسي و مالي باعتباره أكثر الأطراف تأثيراً بالسلطة .
من الملاحظ أن المؤتمر الأخير للوزير باسيل مجرد بيان مكتوب وفق الهامش المسموح للمناورة ضدّ حزب الله لهذا لم يقنع أحداً على الإطلاق حتى أن الفرنسيين لم يترجموا كلام جبران وتركوه على مسودته العربية ككلمات متقاطعة بهدف التسلية . لهذ لم تنطلي مكيدة المرحلة على أحد و ما المناورة المكشوفة مع حزب الله إلا لتسهيل مرور أعمال الفرنسي و للإرضاء المجتمع الدولي و لتحسين سمات صورته عند المسيحيين بعد أن بات بلا هوية .