ماذا لو استفاق اللبنانيون على " الأهوال" التي يُعِدّها الرئيس الفرنسي ماكرون لهذا البلد المنكوب، فهو كما يبدو ماضٍ "بالإعتداء" السافر على الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكمه منذ أكثر من ربع قرن، فينسف منطق المحاصصات وتوزيع المقاعد الوزارية على أقطاب تلك الطبقة، وبذلك فهو يحرُم الرئيس نبيه بري من التربّع على وزارة المالية كما سبق له وفعل منذ أكثر من خمس سنوات، وعليه سيفتقد اللبنانيون تلك النِّعم والمزايا التي كان يوفّرها الوزير السابق علي حسن خليل أثناء توليه تلك الوزارة، هذه المزايا التي يسردها بعض الظرفاء الذين لايُخفون مكرهم واستهزاءهم: كانت مالية الدولة في عهد علي حسن خليل وربيبه الرئيس نبيه بري في أمانٍ وعافية، لا عجز في الموازنة العامة للدولة، لا عجز في الميزان التجاري، مُعدّل نمو متصاعد لا ينزل عن سبعة بالمائة، احتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية مُتوفّرة وفائضة، الليرة اللبنانية بألف خير، أموال المودعين في المصارف مؤمّنة، الرسوم الجمركية والضرائب تُجبى بكل شفافية وأمانة، المرفأ بيدٍ أمينة ولا مُتفجرات في العنابر، الدوائر العقارية لا تعرف الرشاوى والسمسرات، كل هذه النِّعم والمزايا التي كان يوفرها الوزير السابق علي حسن خليل سيفتقدها المواطنون فيما لو خُرقت الميثاقية وتمّ الإعتداء على حقوق الطائفة الشيعية ومصالحها، وعلى هيبة حاميها وراعيها الرئيس نبيه بري، وبأيدٍ خارجية فرنسية هذه الأيام.
كذلك لو أكمل الرئيس ماكرون خُطّته "بالإعتداء" على حقوق الطوائف وزعمائها، فلربما ذهبت وزارة الطاقة لوزيرٍ لم يسبق له أن كان مُستشاراً للوزير جبران باسيل، والخوف كلّ الخوف أن تنقطع الكهرباء ويضطر المواطنون اللجوء للمولدات الكهربائية، أمّا الطامة الكبرى و" الجريمة" التي يمكن أن يرتكبها الرئيس ماكرون فهي حرمان مُتعهدي وزارة الطاقة والقائمين عليها من حوالي ملياري دولار أمريكي سنوياً، تُصرف من خزينة الدولة السائبة وتذهب مباشرةً إلى جيوب سماسرة البواخر ومُستوردي المازوت والغاز والفيول( المغشوش منه وغير المغشوش).
إقرأ أيضا : الرئيس أديب..ألّف حكومتك بمعزلٍ عن هذه الزمرة الفاسدة.
أمّا في وزارة العدل، فالخوف أيضاً من أن يشترط ماكرون البحث عن وزيرٍ للعدل غير تابعٍ لرئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل، فيمتثل لقرارات مجلس القضاء الأعلى، ويمنع التدخل في المسارات القضائية.
كل هذه " الأهوال" سيواجهها اللبنانيون فيما لو استمرّ الرئيس الفرنسي بالإعتداء على صلاحيات الطبقة السياسية التي " يتنعم" اللبنانيون بخيراتها وفضائلها منذ عقودٍ من الزمن، حتى جاء الفرنسيون لهدمِ "سيستام" كان قد اعتاد اللبنانيون عليه، وها هم اليوم أمام امتحانٍ جديدٍ وقاسٍ،وعلى الكثيرين ممّن هجروا اللغة الفرنسية أن يعودوا إلى امتلاكها من جديد، ولمن نسيَ أو تناسى، هذه الدولة التي نهبتموها وأفسدتموها، هي هذه التي أورثكم إياها الانتداب الفرنسي قبل قرنٍ كاملٍ من الزمن.