كشفت دراسة جديدة أن فيروس كورونا الجديد يقطع ألياف عضلة القلب إلى أجزاء صغيرة دقيقة الحجم، على الأقل عندما يصيب خلايا القلب في طبق المختبر.
وهذا القص لألياف العضلات، التي يمكن أن تتلف خلايا القلب بشكل دائم، مخيف بدرجة كافية في طبق المختبر. لكن الباحثين وجدوا دليلا على أن عملية مماثلة يمكن أن تحدث في قلوب مرضى "كوفيد-19" أيضا.
ومع ذلك، فإن الاكتشاف الجديد، الذي نُشر في موقع bioRXiv في 25 آب، لم يتم بعد مراجعته من قبل الزملاء، أو إثبات حدوثه لدى المرضى.
وهذا الاكتشاف يختلف عن أي شيء شاهده الباحثون من قبل، حيث لا يوجد مرض معروف بأنه يؤثر على خلايا القلب بهذه الطريقة. وقال تود ماكديفيت، المؤلف المشارك في الدراسة، وهو باحث كبير في معهد غلادستون، وهي منظمة بحثية غير ربحية في سان فرانسيسكو، في بيان: "ما رأيناه كان غير طبيعي تماما".
وقد يفسر الاكتشاف الجديد كيف يتسبب فيروس كورونا في إلحاق الضرر بالقلب. ووجدت دراسات سابقة علامات تشوهات في القلب لدى مرضى "كوفيد-19"، بما في ذلك التهاب عضلة القلب، حتى في الحالات الخفيفة نسبيا.
وفي الدراسة الجديدة، استخدم الباحثون خلايا جذعية خاصة لإنشاء ثلاثة أنواع من خلايا القلب، تُعرف باسم الخلايا العضلية القلبية، والخلايا الليفية القلبية، وخلايا البطانية الغشائية.
وفي أطباق المختبر، تعرضت هذه الخلايا لـ SARS-CoV-2، الفيروس المسبب لـ"كوفيد-19".
ومن بين الأنواع الثلاثة للخلايا، يمكن أن يصيب SARS-CoV-2 ويصنع نسخا منه فقط داخل الخلايا العضلية القلبية.
وتحتوي الخلايا العضلية القلبية على ألياف عضلية مكونة من وحدات تسمى القسيمات العضلية، وهي ضرورية لتقلصات العضلات التي تنتج ضربات القلب.
وتصطف هذه الأورام اللحمية عادة في نفس الاتجاه لتشكيل خيوط طويلة. ولكن دراسات الأطباق المعملية كشفت عن شيء غريب، وهو تقطيع خيوط القسيم العضلي (الساركومير) إلى أجزاء صغيرة.
وقال الدكتور بروس كونكلين، المؤلف المشارك في الدراسة، وهو أيضا كبير الباحثين في معاهد غلادستون، في البيان: "الاضطرابات القسيمية التي اكتشفناها (في أطباق المختبر) ستجعل من المستحيل على خلايا عضلة القلب أن تنبض بشكل صحيح".
ولا تترجم النتائج في أطباق المختبر دائما إلى واقع الحياة. ولذلك قام الباحثون بتحليل عينات تشريح أنسجة القلب لثلاثة مرضى مصابين بـ"كوفيد-19". ورأوا أن خيوط القسيم العضلي كانت مضطربة وأعيد ترتيبها، وهو نمط مشابه لما شوهد في تجارب الأطباق المعملية، ولكن ليس مطابقا له تماما.
وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لمعرفة ما إذا كانت التغيرات القسيمية التي تظهر في خلايا القلب دائمة.
ولاحظ مؤلفو الدراسة أن العلماء بحاجة إلى إجراء عملية خاصة لرؤية الأورام اللحمية، وهو ما لا يتم عادة، موضحين سبب تجاهل هذا الاكتشاف في تشريح الجثث حتى الآن.
وأشار ماكديفيت: "آمل أن يحفز عملنا الأطباء على مراجعة عينات مرضاهم لبدء البحث عن هذه الميزات".
لاحظ الباحثون أيضا اكتشافا غريبا آخر في كل من تجارب الأطباق المختبرية وأنسجة القلب من مرضى "كوفيد-19"، حيث رأوا أنه بالنسبة لبعض خلايا القلب، بدا أن الحمض النووي داخل نواة الخلايا مفقود.
وقال الباحثون إن هذا من شأنه أن يجعل هذه الخلايا تعاني من "موت دماغي" بشكل أساسي وغير قادرة على أداء الوظائف الطبيعية.
وبمجرد أن يفهم العلماء كيف يضر فيروس SARS-CoV-2 بخلايا القلب، يمكنهم فحص الأدوية للتخفيف من هذه الآثار.
وعلى سبيل المثال، إذا كان الفيروس يستخدم إنزيما لتقطيع الأورام اللحمية، فقد يكون من الممكن العثور على دواء يمنع هذا الإنزيم. (ومع ذلك، لاحظ المؤلفون أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الفيروس يقطع القسيمات اللحمية مباشرة، أو إذا كان الفيروس يحفز الخلايا لقطع الألياف من خلال آلية أخرى).
وأشار ماكديفيت: "سيكون من المهم تحديد علاج وقائي، يحمي القلب من الضرر الذي نراه في نماذجنا. حتى لو لم تتمكن من منع الفيروس من إصابة الخلايا، يمكنك أن تضع للمريض دواء لمنع حدوث هذه العواقب السلبية أثناء وجود المرض".