كشفت دراسة جديدة نشرت في مجلة "ساينس" Science، نقلاً عن فريق بحثي فرنسي، أنه تم تحديد الصخور الفضائية مصدر هذه المياه، وأن كوكبنا كان مبتلا منذ تشكله.
صخور محملة بالهيدروجين
قام الباحثون، من مركز "البحوث البتروغرافية والجيوكيميائية CRPG ، CNRS" بجامعة لورين، (Centre de Recherches Petrographiques et Geochimiques)، بتحليل 13 نيزكا مختلفا من نوع "كوندريت الإنستاتيت" (Enstatite Chondrites)، وهي فئة معروفة بأنها تشبه الصخور الفضائية التي اندمجت لتشكل الأرض منذ أكثر من 4.5 مليار سنة.
وجد الباحثون، أن هذا النوع من الصخور يحتوي على الكثير من الهيدروجين، وهي إشارة إلى أن كوكبنا لم يولد جافا، حيث تشير حسابات الفريق إلى أن الصخور التي شكلت الأرض كانت تؤوي ما لا يقل عن 3 أضعاف كمية المياه التي تحتفظ بها محيطات الكوكب الحالية.
تقول مؤلفة الدراسة لوريت بياني "يظهر اكتشافنا أن اللبنات الأساسية للأرض ربما تكون قد ساهمت بشكل كبير في مياه الأرض.. كانت المواد الحاملة للهيدروجين موجودة في النظام الشمسي الداخلي في وقت تكوين الكوكب الصخري، على الرغم من أن درجات الحرارة كانت مرتفعة للغاية بحيث لا يمكن للماء أن يتكثف".
وقد علقت آن بيسلير، الباحثة في "مركز جونسون للفضاء" (Johnson Space Center) التابع لوكالة "ناسا" (NASA) في هيوستن، في مقال مصاحب في العدد نفسه من مجلة "ساينس"، قائلة "ربما جاءت مياه الأرض ببساطة من المادة السديمية التي نشأ منها الكوكب".
النظرية السائدة
تقول بياني، إن النتائج تتعارض مع النظرية السائدة القائلة بأن الماء قد جُلب إلى الأرض الجافة في البداية عن طريق المذنبات أو الكويكبات بعيدة المدى.
وأنه وفقا للنماذج الأولى لكيفية ظهور النظام الشمسي، كانت الأقراص الكبيرة من الغاز والغبار، التي تدور حول الشمس وتشكل الكواكب الداخلية شديدة الحرارة، وهذا من شأنه أن يفسر الظروف القاحلة على عطارد والزهرة والمريخ؛ لكن ليس كوكبنا الأزرق بمحيطاته الشاسعة وجوه الرطب.
لذلك افترض العلماء أن المياه جاءت بعد تكون الأرض، وكان المصدر الرئيسي -وفقا للعلماء- النيازك المعروفة باسم الكوندريت الكربوني الغنية بالمعادن المائية؛ لكن المشكلة كانت أن تركيبها الكيميائي لا يتطابق بشكل وثيق مع صخور كوكبنا.
اعلان
وهذا بالعكس من مجموعة نيازك "كوندريت الإنستاتيت" (EC)، التي لديها تطابق كيميائي أقرب بكثير لصخور الأرض، وتحتوي على نظائر مماثلة من الأكسجين والتيتانيوم والكالسيوم، وهذا يشير إلى أنها كانت اللبنات الأساسية للأرض والكواكب الداخلية الأخرى.
نتائج مذهلة
لاختبار ما إذا كانت صخور كوندريتا إنستاتيت جافة كما كان يُعتقد بسبب تشكلها بالقرب من الشمس أم أنها مصدر وجود المياه الغني على الأرض، استخدمت بياني وزملاؤها تقنية تسمى "قياس الطيف الكتلي" لقياس محتوى الهيدروجين في كوندريت الإنستاتيت.
ووجد الفريق أن الصخور تحتوي على ما يكفي من الهيدروجين لتزويد الأرض بثلاثة أضعاف كتلة الماء في محيطاتها، وربما أكثر من ذلك بكثير.
ووجدوا أيضا أن التركيب النظائري لهيدروجين الكوندريتات الإنستاتيتية يشبه تلك الموجودة في الماء المخزن في وشاح الأرض.
كما يتوافق التركيب النظائري لمياه المحيطات مع خليط يحتوي على 95% من الماء من الكوندريتات الإنستاتيتية و5% فقط من المياه التي تنقلها المذنبات أو الكويكبات الغنية بالمياه.
تقول بياني إن البحث لا يستبعد أيضا أن تكون هناك مصادر أخرى للمياه على الأرض مثل المذنبات؛ لكنه يشير إلى أن كوندريتات الإنستاتيت ساهمت بشكل كبير في ميزانية المياه على الأرض وقت تشكلها.