كتبت "الجمهورية":العقدة الاساس التي ما زالت تعترض مسار التأليف حتى الآن، وقد يؤدي عدم الوصول الى حلّها، الى الاطاحة بمهلة الاسبوعين المحددة لتشكيل الحكومة خلالها، هي: "من يسمّي الوزراء؟". فالرئيس المكلّف عَبّر صراحة أنه المعنيّ حصراً بتسمية الوزراء متسلحاً بما يعتبرها صلاحياته الدستورية التي تمنحه هذا الحق.
ولكن في المقابل، فإنّ القوى السياسية التي سمّته لرئاسة الحكومة لا تتفق معه في هذا الامر، كالثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وتيار "المردة". فهذه القوى اكدت انها تُجادل في تمسّك الرئيس المكلف بممارسة صلاحياته، ولكن ليس ان يمارس صلاحياته، ويصادر صلاحيات الآخرين وحقّهم في تسمية من يمثلهم في الحكومة، بأنْ يسمّي لهم ممثليهم في الحكومة، لأنه بذلك يخلق سابقة وعرفاً جديداً بأن يختار الرئيس المكلف الوزراء بمعزل عن القوى التمثيلية في طوائفهم.
وما تؤكد عليه هذه القوى هو ثابتتان:
الاولى، هي انّ من حقّها وحدها أن تسمّي من يمثلها في الحكومة، ولا تقبل بغير ذلك، واذا كان ثمة من يعتبر انّ المبادرة الفرنسية تمنح الرئيس المكلف هذا الحق، فهذا امر خاطىء، فضلاً عن انّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قال صراحة للأطراف السياسيين الذين التقاهم في قصر الصنوبر: إذهبوا وتفاهموا على حكومة، ولم يقل اذهبوا وشكّلوا حكومة واتركوا لغيركم أن يختار عنكم وزارءكم.
الثانية، هي أنّ اي طرف لا يستطيع ان يسمّي وحده وزارءه ووزراء كل الاطراف الاخرى، علماً انّ هذا الطرف، والمقصود هنا الرئيس المكلف، مسمّى أصلاً من قبل طرف سياسي، أي الرؤساء السابقون للحكومات، وتحديداً من قبل الرئيس سعد الحريري. وهؤلاء الرؤساء جميعهم مدركون بأنّ مصادرة التسمية لم يسبق ان حصلت في كل الحكومات السابقة، وباستحالة ان يسمّي الرئيس المكلف وزراء الاطراف المشاركة معه في حكومته. بل انّ الرئيس المكلف كان هو من يسمّي الوزراء السنّة من دون ان يتدخل احد معه، وأما سائر الأطراف فهي التي تسمّي وزراءها.
على انّ نقطة الاختلاف الجوهرية مع هذه القوى، هي انّ الرئيس المكلف مرتبط بالطرف الذي تبنّى طرحه لتكليفه في الاستشارات الملزمة، أي رئيس تيار المستقبل، وهو على تنسيق كامل ومتواصل معه. وبالتالي، فإنّ منحه حق التسمية، معناه منح هذا الحق الى الطرف السياسي المرتبط به، أي الى تيار المستقبل، بأن يتجاوز القوى التمثيلية كلّها في مجلس النواب، ويسمّي وحده كلّ الوزراء، وهذا ليس مقبولاً على الإطلاق لدى سائر الاطراف، علماً انّ الرئيس الحريري كان قد سبق له أن طرح بعد استقالة حكومته بعد انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، تشكيل حكومة اختصاصيين يختار وزراءها، ويمنح صلاحيات استثنائية للحكم من دون تدخلات على ما قال، ضمن سلة الشروط التي وضعها آنذاك، ولم يمنح هذا الحق