أعلن الرئيس سعد الحريري بالأمس عزوفه عن الترشّح لرئاسة الحكومة العتيدة، وأضاف مُستنكراً إمعان رئيس الجمهورية بخرق الدستور، وعرقلة إجراء الإستشارات النيابية المُلزمة، وجاءت خطوة الحريري هذه في الاتجاه الصحيح هذه المرّة، فالثلاثي الحاكم والمُتسلّط في البلاد( الثنائي الشيعي مع التيار الوطني الحر) ما زال سادراً في غيّه وتماديه في قضم الدولة اللبنانية المتهالكة، وما زال مُتمسّكاً بذهنية وعقلية الإستئثار بالحكم وزجّ البلد في أتون الصراعات الإقليمية والدولية المحتدمة، وذلك خدمةً للمشروع الإيراني في المنطقة العربية والخليج والعالم الإسلامي، وما الرئيس سعد الحريري أو حسان دياب( أو أية شخصية سُنّية على شاكلتهما) في نظر هذا الثلاثي الرهيب سوى دمية يمكن التلاعب بها واستغلالها حيث أمكن ذلك، أو في أحسن الأحوال لتغطية الإرتكابات الشنيعة بحقّ الدولة أولاً ومُواطنيها تالياً.
إقرأ أيضا : إنفجار مرفأ بيروت وغُربان بعبدا والسّراي والشاعر أحمد شوقي
نقول أنّها خطوة جيّدة ومُناسبة في توقيتها، ولو أنّها تأخّرت ثلاث سنوات، فقد سبق للحريري أن استقال من منصب رئاسة الحكومة من المملكة العربية السعودية في الرابع من شهر نوفمبر عام ٢٠١٧( بالإكراه وتحت الضغط كما أُشيع بعد ذلك )، ليتبيّن اليوم للحريري ومُعارضي الحريري ومُحبّي الحريري أنّ تلك الإستقالة التي مرّ عليها حوالي ثلاث سنوات( رغم ما شابها من تهديدٍ وإكراه)، كانت الخطوة الصائبة التي كان على الحريري أن يتلقّفها راضياً مُغتبطاً، فقد كانت قارب النجاة له ولتياره السياسي، للقفز من سفينة حُكم حزب الله-عون، السفينة المُلتهبة بالمخاطر والتي أودت بالبلد إلى الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي القائم، وما زاد الطين بلةّةً إنفجار مرفأ بيروت " النووي " الذي دمّر وسط مدينة بيروت. ورغم كلّ تلك المآسي والإنهيارات ما زالت لعبة العهد العوني السخيفة والمكررة هي إياها منذ بداية العهد قبل حوالي أربعة أعوام، يتداعى باسيل والخليلان بزعامة الرئيس بري لاستدراج الحريري( أو بديلٍ عنه كحسان دياب)، لتغطية موبقات العهد العوني وجرائمه المتمادية، والذي هو في حقيقة الأمر ليس سوى النسخة الكاملة لعهد حزب الله منذ العام ٢٠١٦ ( لحظة انتخاب الجنرال عون إلى سدة الرئاسة الأولى) وحتى الآن.
كان عبدالملك بن حجّاج يقول: لأنا للعاقل المُدبر أرجى من الأحمق المُقبل.