سادت بُعيد انفجار 4 آب وما لحقة من مآسي تبعها حركة دبلوماسية ناشطة على خط لبنان، وتوافد الدول لنجدته ومد يد المساعدة له أجواء تتحدث عن تسوية سياسية كبرى تمتد من طهران مرورا بواشنطن وتحط رحالها في بيروت، هذه الاجواء التي عززتها استقالة حكومة دياب وفهمت أنها الخطوة العملية الأولى بمسيرة الألف ميل الاصلاحي وقلب الصفحة السوداء.
لم تستمر الاجواء التفاؤلية طويلا، وسرعان ما عادت الاجواء التشاؤمية تخيم على البلاد والعباد مع تعثر محادثات تشكل الحكومة العتيدة، ووصلت الى ذروتها مع اعلان سعد الحريري سحب اسمه من بازار التشكيل لننتقل مع هذا الاعلان الى المربع الاسود الاول الذي كان سائدا بعيد استقالة حكومة الرئيس الحريري فماذا عدا مما بدا ؟
صار واضحا ان الحديث عن ما اصطلح على تسميته "التسوية الكبرى" وهو بالحقيقة خضوع الايراني للشروط الاميركية، لم تكتمل فصولها بعد، ولا يزال النظام الايراني يعتمد سياسة " الصبر الاستراتيجي " على الاقل الى ما بعد الانتخابات الاميركية وتبلور اسم الساكن الجديد بالبيت الابيض تحت اعتبار ان اي " تسوية " الآن هي بمثابة دعم انتخابي للرئيس الاميركي دونالد ترامب لا يستحقه ايرانيا.
إقرأ أيضا : الأدلة المستدامة على وجوب لبس الكمامة
اختبأ، حزب الله خلف العهد وصهره من اجل افشال مهمة الرئيس نبيه بري الذي رأى باعطاء فرصة لترؤس سعد الحريري حكومة شبه مستقلة، تساهم الى حد ما من فرملة الانهيار المتسارع، الا ان للحزب رأي مختلف تمامل، فهو وان لم يمانع على عودة الحريري، ولكن كنسخة معدلة عن حسان دياب ليس اكثر
السؤال الكبير الآن هو ماذا سيفعل حزب الله؟ الجواب ببساطة لا شيء
حزب الله الخائف من الحرب، فهو ليس بوارد لا الرد على مقتل شهيده في سوريا ولا على الاعتداءات الاسرائيلية التي طالت بالامس قرى جنوبية
حزب الله الخائف من اية اصلاحات حقيقية قد تفقده البيئة السياسية المناسبة له داخل احضان المافيا المتحكمة ويسعى الى حمايتها بكل ما اوتي من قوة فهو ليس بوارد الاستغناء عنها.
حزب الله الخائف من العقوبات الاقتصادية، يكتفي هو بتأمين دولاراته لجماعته ولمناصريه غير مستعد لمجرد التفكير بمعاناة بقية الشعب اللبناني.
قد يعتقد حزب الله المتشرنق داخل مخاوفه ان باستطاعته تمرير اشهر الانتظار باقل قدر من الخسائر عليه، ولكنه يتجاهل تماما ان هذا الانتظار بالنسبة لبقية اللبنانيين هو انظار قاتل، هذا اذا ما سلمنا جدلا ان الطرف الآخر سيجاريه بلعبة الانتظار بدون ان يحرك ساكنا، او انفجارا،
فيكون حينئذ موقف الحريري الاخير والاعلان عن سحب اسمه من لعبة "تضيع الوقت " هي المؤشر الاول ان اللعبة الجديدة القديمة قد انتهت .