رصد أطباء في إيطاليا واحدة من أغرب وأخطر المضاعفات لدى مرضى فيروس كورونا المستجد ذوي الحالات الشديدة، مشيرين إلى أنه يسبّب اضطراباً نادراً في جهاز المناعة داخل الجسم. وبعد التكلّم عن آثار الفيروس على الدماغ بعد التعافي، تحمل لنا دراسة خبراً ساراً.
نشرت دورية «أنالس أوف إنترنال ميديسن» العلمية، التي تصدرها كلية الأطباء الأميركية، تقريراً يصف حالة 3 مرضى ليس لديهم تاريخ من الاضطرابات العصبية، وتم تشخيص إصابتهم بالوهن العضلي الشديد بعدما أصيبوا بفيروس كورونا.
وبعد نحو أسبوع من ارتفاع درجة حرارتهم نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا، ظهرت على المرضى أعراض مثل تَدلّي الجفون وصعوبة البلع، بحسب ملاحظات أطباء في مستشفى «غاريبالدي» في مدينة كاتانيا جنوبي إيطاليا.
وخَلص الأطباء إلى أنّ مرضى الحالات المتأخرة من «كوفيد 19»، يمكن أن يواجهوا اضطراباً مناعيّاً نادراً يؤدي إلى إضعاف عضلات الجسم، في أوّل رصد لمثل هذه المضاعفات بين المصابين بفيروس كورونا.
ورجّح الأطباء أنّ الفيروس «يخدع الجسم بتحفيز جهاز المناعة على إنتاج أجسام مضادة ذاتية، تهاجم عن طريق الخطأ أنسجة وأعضاء المريض بدلاً من مسببات الأمراض». ويحدث الوهن العضلي عندما تهاجم الأجسام المضادة الدماغ ويصل تأثيرها إلى الوصلات العصبية المرتبطة بالعضلات، بحيث تصبح العضلات المسؤولة عن بعض الوظائف الحيوية، مثل التنفس والبلع، ضعيفة.
وتشمل المضاعفات المرتبطة بهذا النوع من الاضطراب، صعوبة التنفس والبلع والكلام وتَدلّي الجفون. ومن المعروف أنّ أي خلل في الجهاز المناعي يفقد الجسم قدرته على مواجهة الأمراض، ويجعله فريسة سهلة لأيّ هجوم بكتيري أو فيروسي حتى لو كان ضعيفاً.
وكان المريض الأول رجلاً يبلغ من العمر 64 عاماً، وأصيب بحمى وصلت إلى 39 درجة مئوية، وبعد 5 أيام أصيب بإرهاق عضلي وبات غير قادر على التحكّم بجفنه، ثم سرعان ما ثبتت إصابته بـ»كوفيد 19». وشخّص الأطباء في وقت لاحق حالته بالوهن العضلي، بعد تحليل أعصاب وجهه ورَد فعله على تلقّي الدواء.
أمّا المريض الثاني فكان يبلغ من العمر 68 عاماً، وارتفعت حرارته إلى 38.8 درجة مئوية لمدة 7 أيام، ثم ظهرت عليه نفس الأعراض بالإضافة إلى صعوبة البلع. وشخّصت حالته على الفور باضطراب في المناعة الذاتية، مرتبط بإصابته بفيروس كورونا.
أمّا المريض الثالث فكانت امرأة تبلغ من العمر 71 عاماً، وعانت سعالاً وحمى تصل إلى 38.6 درجة مئوية لمدة 6 أيام. وفي اليوم الخامس فقدت القدرة على التحكّم بعضلات الجفون، ثم عانت صعوبة في البلع والنطق، وكانت نتيجة اختبارها إيجابية لفيروس كورونا، وتم تشخيصها لاحقاً بالوهن العضلي الشديد أيضاً.
باحثون يزفّون «خبراً ساراً» لمن تعافوا من «كورونا»
وكشف بحث طبي صدر حديثاً، أنّ الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد وظهرت عليهم أعراض خفيفة فقط، يتمتعون بمناعة طويلة الأمد، بعد التماثل للشفاء بشكل تام.
وكشف الباحثون أنّ الأجسام المضادة الموجودة في جسم الشخص المتعافي تستطيع التعرّف الى الفيروس بعد أشهر من التماثل للشفاء. وجرى الحديث هنا عن أشهر فقط، لأنّ الفيروس ظهر في أواخر 2019، أي أقل من عام، ومن المحتمل أن تدوم هذه المناعة وقتاً أطول.
ومن شأن هذه الخلاصات العلمية أن تُبدّد مخاوف صحية سابقة، بشأن احتمال إصابة بعض المتعافين مجدداً. وقال الباحث المختصّ في علم المناعة بجامعة واشنطن، ماريون بيبر، وهو المُشرف على أحد الدراسات، انّ من يتعافون من الفيروس يتمتعون بمناعة واقية.
وأكد الباحثون أنهم درسوا تفاعل الجهاز المناعي في جسم الإنسان مع فيروس كورونا المستجد الذي يسبب مرض «كوفيد 19»، فوقفوا على نتائج مشجعة. ووصفت الباحثة في علم المناعة في جامعة كاليفورنيا، سميثا أير، هذه النتائج بالواعدة، قائلة إنها تدعو إلى التفاؤل بشأن المناعة الجماعية أو ما يعرف بـ«مناعة القطيع».
ويقوم مبدأ «المناعة الجماعية» على ترك الناس يُصابون بالفيروس حتى ينقلوه إلى بعضهم البعض على نطاق واسع، والهدف هو أن يتماثلوا للشفاء منه ويصبحوا محصّنين مناعياً ضد العدوى لأنهم لن يصابوا مرة أخرى.
وبما أنّ الفيروس يؤثر بشدة على بعض الفئات مثل كبار السن ومن يعانون الاضطرابات الصحية المزمنة، يحثّ أصحاب هذه النظرية على حماية الفئات الأكثر عرضة للإصابة. وتثير مناعة المتعافين جدلاً واسعاً، منذ أشهر، وسط دعوات إلى إفساح المجال بشكل أكبر لِمن أصيبوا وتعافوا لأنهم صاروا في مأمن من الإصابة.
لكنّ هذه «الطمأنة» لا تحظى بالإجماع في الوسط الطبي، لأنّ الوباء ما يزال جديداً، بحسب الباحثين، ومن الصعب أن يكون هناك جزمٌ بشأن المناعة الموجودة لدى المتعافين، وما إذا كانت تدوم طويلاً.