المحاكم لا تنظر إلاّ في الدلائل والقرائن وأقوال الشهود، والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان قالت بالأمس كلمتها بما يتعلق بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، وعددٍ من مُرافقيه( ومن كان من المواطنين في دائرة الإنفجار)، فبرّأت من لم تثبُت عليه تُهم الاشتراك في الجريمة، وأدانت مُتّهماً واحداً ينتمي لتيار المقاومة والممانعة، هذا التيار الذي يقوده حزب الله، والذي اكتسب " شرعية" وجوده وسلاحه وتنظيمه، وتماديه في قضم الدولة اللبنانية لصالح "الدُّويلة" التي يسعى لقيامها بشعارات المقاومة والممانعة( مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وممانعة التّطبيع معها)، لذا يجد نفسه اليوم بعد صدور أحكام المحكمة الدولية وجهاً لوجه أمام سيف العدالة، وهو لا يستطيع أن يُغطّي ارتكابه جريمةً فظيعة مُروّعة، كجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بشعارات مقاومة إسرائيل واغتيال عملائها والقصاص منهم، فالرئيس الراحل رفيق الحريري، وكما يشهد اللبنانيون والعرب والعجم والعالم أجمعين، لم يكن في في يومٍ من الأيام ضالعاً في خدمة إسرائيل ومشاريعها التوسعية في المنطقة العربية والخليج، وتشهد على ذلك مداولات واتفاق عدوان تموز بين إسرائيل والمقاومة، وكان الحريري عرّابه الأول، وجاء الإتفاق يومها لصالح المقاومة.
إقرأ أيضا : باسيل يرفع إصبعاً آخر في وجه المنكوبين والمفجوعين.
للأسف الشديد، لن يجد تيار المقاومة والممانعة اليوم فرصةً لتغطية هذه الجريمة بشعاراته المعهودة، وبات عليه أن يقف بشجاعة وأمانة لحفظ الشعارات " المُقدّسة" التي يتبنّاها، والتي يسعى لتحقيقها، قبل أن يتهافت كلّ شيء، سواء كان مُقدّساً أو خسيساً.
من خُطباء بني هاشم( عبدالله بن الحسن)، وهو القائل لإبنه إبراهيم: أيّ بُنيّ، إنّي مؤدٍ إليك حقّ الله في تأديبك، فأدِّ إليّ حق الله في حسن الاستماع، أي بني، كُفّ الأذى، وارفض البذاء، واستعن على الكلام بطول الفِكر في المواطن التي تدعوك نفسك فيها إلى القول، فإنّ للقول ساعاتٍ يضرُّ فيها الخطأ، ولا ينفع فيها الصواب، واحذر مشورة الجاهل وإن كان ناصحاً، كما تحذرُ مشورة العاقل إذا كان غاشّاً، فيوشك أن يُورّطاك بمشورتهما، فيسبق إليك مكرُ العاقل وغرارة الجاهل.