قتلوكِ يا صاحبة الأساور المشغولة بالياقوت، يا خدَّ الورد، يا فجر الجنوب وجبل عامل وشواطئ صور، وشمس بعلبك، لن يبتسم لبنان ما دام فيك جرح، ورصاص النار تطلق على الأحلام، على الحب، على بحركِ وعلى الشمس، ها قد عادوا من جديد، ليكسروا أقلام الحبر والرصاص والدم، ليسرقوا العمر الجميل والحياة ومناقيش الزعتر وصوت فيروز التي رتَّلت أوردة وصلوات.
يا مرفأ حقول اللؤلؤ، ويا ميناء العشق ونجمة العاشق، وفراشة الضوء، وطاووس الماء، ستبقين بحراً لا سراباً وبقيعة ماء.. قتلوكِ يا بيروت، لأنكِ جميلة تحبين الجمال والفن والزينة، ولأنكِ بحر وشجر وفجر وقمر، قتلوكِ يا بيروت، لأنكِ كنيسة ومسجد ومعبد، بيننا وبينكِ شبه موزَّع ٌ في عينيكِ، ونمضي، كأننا والأمس لحظة في دفتر الزمن، فلا عجب، إن حوَّلنا الأعداء إلى مسلخ، كما رثاكِ "نزار قباني" من شطب وجهكِ بالسكين؟ وألقى ماءَ النار على شفتيكِ الرائعتين؟ من سمَّم ماء البحر، ورشَّ الحقد على الشطآن الوردية؟ ها نحن أتينا معتذرين، ومعترفين، أنَّا أطلقنا النار عليكِ بروحٍ قبلية، فقتلنا امرأة.. كانت تدعى "الحرية".
لماذا يحاولون، ويُحولوننا إلى مقابر موحشة، يا صاحبة الأساور والضفائر الذهبية، إلى مذبح يسلخون فيه جلود الأبرياء، فمتى يعترفون بأنهم قتلة، ومجرمون، ومستخفون، بحياتنا وحياة الطفولة البريئة، وكأنهم يعشقون الفوضى، والدمار، والغش، والسرقة، ونهر من الدم..
يا ست الدنيا، يا بيروت، يا ملح الأرض، من وشَّحكِ بالحزن والسواد، وألبسكِ ثوب الألم والوجع والأشجان، وشحب وجهك الوردي، لأنكِ مسالمة كعصفورٍ دوري، وبلا حارسٍ ولا عسكر، بل أنتِ تفاحة البحر وصرخة الموج.. فسلامٌ لجرحكِ النازف المكلوم، ولشهدائك الأبرار، والسلامة لكل جرحاكِ، والعافية لكل مشرَّد.. فمتى يعترفوا بالجريمة.؟