في موازاة التضامن والتعاطف الإنسانيين، حملت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان 3 مؤشرات سياسية:
ـ المؤشر الأول، إعلانه صراحة انّ المساعدات ستأتي إمّا مباشرة للشعب أو للمنظمات غير الحكومية، ما يعني انّ الموقف الفرنسي واستطراداً الدولي لم يتبدّل لجهة انّ المساعدات للسلطة مشروطة بالإصلاحات، وما لم تتحقق هذه الإصلاحات فإنّ الحصار الدولي على الدولة سيراوح، وقد كان لافتاً منحه الأولوية للناس لا السلطة.
ـ المؤشر الثاني، رعايته وعلى عجل لطاولة حوار لبنانية جمعت رؤساء الأحزاب والكتل، أي انّ ما تعذّر على الرئاسة اللبنانية تحقيقه حقّقته الرئاسة الفرنسية، والعنوان الأساس لهذه الجَمعة تشجيع اللبنانيين على الحوار والاتفاق على أولويات لبنانية، وما صرّح به عن حاجة اللبنانيين إلى نظام سياسي جديد وضعه في إطار المسؤولية اللبنانية في البحث عمّا يؤمّن المصلحة اللبنانية.
ـ المؤشر الثالث، تشجيعه على تحقيق دولي جدي وشفّاف يكشف ملابسات التفجير الذي دمّر العاصمة، ووضع إمكانات الدولة الفرنسية في تَصرّف اللبنانيين من أجل الوصول إلى الحقيقة.
ولا شك في انّ الدخول الفرنسي على خط الأزمة اللبنانية، ومع زيارة ثانية أعلن عنها في مطلع أيلول المقبل في ذكرى إعلان "دولة لبنان الكبير"، هو دخول منسّق مع الأميركيين بدليل انّ كلامه جاء تعبيراً عن المجتمع الدولي بأن لا رفع للعقوبات إلّا وفق خريطة طريق إصلاحية، محمّلاً السلطة مسؤولية تقاعسها على هذا المستوى.
ويرى مراقبون انّ زيارة ماكرون لبيروت هي زيارة تاريخية، في لحظة لبنانية تاريخية قرّر فيها المجتمع الدولي تفويض فرنسا محاولة أخيرة قبل ان ينزلق لبنان في قعر الهاوية.
وأنهى زيارته بعبارة توجّهَ بها الى اللبنانيين، قائلاً: "سنكون دائماً الى جانبكم... بحبك يا لبنان".