فيما كانت كل الانظار تتجه جنوبا، والجبهة مع العدو الاسرائيلي الغاشم قاب قوسين من الالتهاب والاشتعال والجنوبيون ومعهم اللبنانيون على اعصابهم، ينتظرون على صفيح ساخن بقلق ممزوج بشيء من الافتخار والانفة الرد الموعود والوعد المقطوع بعد استهداف مركز لحزب الله قرب دمشق واستشهاد المقاتل علي محسن، تخرج علينا كتلة الوفاء للمقاومة ببيان شديد اللهجة وفيه تهديد ووعيد وتحذير واصرار منقطع النظير ولكن ليس بموضوع الرد وانما بموضوع السد (بسري).
إنها لعمري مفارقة غريبة عجيبة، فالحزب الذي وعلى مدار سنوات ما برح يهدد ويرعد ويحدثنا بقصص بطولية عن دخول الجليل مرة وعن ديمونا مرات وعن الصلاة بالقدس، وسبع دقائق ونص، وشنف أذاننا بحالة العدو الاسرائيلي وقلقه الدائم واضطرابه وعجزه وقلقه، وإن كنت أنسى فلا أنسى أنه أوهن من بيت العنكبوت، حتى اذا ما حانت لحظة الحقيقة وعمد هذا العدو الخائف والمتوتر الى نسف قواعد الاشتباك وتجرأ على قتل أحد المجاهدين وسنحت الفرصة المباركة أمام الحزب لترجمة وعوده وتهديداته إلى واقع وحقيقة سارع الحزب إلى إصدار بيان توضيحي (للمرة الاولى) أنه برىء من أي طلقة رصاص سمعت على الحدود !! مكتفيا بالجبهة التي اشتعلت على صفحات التواصل الاجتماعي و "غروبات " الوتس اب والبطولات التي انهالت عليها واعداد قتلى العدو التي وصلت اعدادها الى6 وأسر 4 وتدمير عدد غير قليل من دباباته وكفى الله المؤمنين شر القتال.
اقرا ايضا : الحياد،، بين البطريرك الراعي والامام الصدر
فبين الرد وبين السد، نعرف جيدا حقيقة ما يجول في خاطر عقل قيادة هذا الحزب بعيدا عن العنتريات والشوفانية الفارغة التي يغرق قيها جمهور ينتشي بالاوهام فينشغل بتحديد البيوت التي انتقل اليها وسكنها بالجليل فنسي كل القرف والنفايات والعتمة والبنزين والفقر والذل الذي يحيط به حتى أنه نسي موضوع الرد أصلا ولم يعد محل كلام وكأنه حصل بدليل انه لم يمح رسائل البطولات عن تلفونه ولو بعد البيان التوضيحي
عندما كانت تطلق صواريخ تعارف على تسميتها بالصواريخ المجهولة من الجنوب نحو العدو، وأغلب الظن أنها لم تكن صواريخ حزباللهية، وكان في كل مرة الحزب يسأل عنها، يكون الرد دائما بأننا غير معنيين لا بالتأكيد ولا بالنفي!! فيما نراه يسارع الآن الى التوضيح والتفلت من حادثة الامس على الحدود، فيما تنشغل كتلته النيابية بإشعال جبهة أهم هي جبهة سد بسري !!.
بعيدا عن التفاصيل المتعلقة بالسد، وعن آراء الاختصاصين وما قالوه مطولا عن أن هذا السد هو تماما كما أمثاله من السدود الفاشلة وانه لا يعدو أكثر من صفقة من صفقات باسيل، إلا أن هدف الحزب من " إشعال" هذه الجبهة والاهتمام المفاجىء للحزب انما يهدف بالدرجة الاولى ليس تأمين المياه للضاحية حتما ( يحتاج الى 5 سنوات )، وانما هي تهدف بالبداية إلى إرضاء الحليف أولا، وثانيا رسالة شديدة اللهجة لزعيم المختارة المعترض على السد بعد ان كان داعما له، والقول أن أولويتنا الآن هو قصف الجبهات الداخلية من أجل تطويع من تسول له نفسه التفكير بالوقوف في وجهنا فإننا على أتم الاستعداد لإدارة الظهر للجبهة مع العدو والتفرغ له ولمشاريعه، فلا يفكرنّ أحد باللعب معنا، لا الآن ولا بعد السابع من آب يوم النطق بالحكم في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري .