يبدو أنّنا ذاهبون( كمواطنين لبنانيين صالحين) سريعاً كما قالت جريدة "Le Figaro" نحو الجحيم، وفي الجحيم أول ما سنتلظّى به هي نيران المجاعة، وبما أنّ الجوع كافر، أي أنّ الإنسان الجائع ما أن يمسّه الضّر والجوع حتى تسقط عنده المحارم ولا يتورّع عن ارتكاب المعاصي والكبائر، فقد أباح الله تعالى للمؤمنين أكل الميتة والدم ولحم الخنزير في حال الإضطرار، وهي كما هو معروف مُحرّمة بعينها.
قال تعالى: ( إنّما حُرّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير، وما أُهلّ به لغير الله، فمن اضطُرّ غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه، إنّ الله غفورٌ رحيم، سورة البقرة ١٧٣).
وفي التفسير أنّه من اضطرّ إلى أكل لحم الميتة فله ذلك( غير باغٍ ولا عادٍ) ، أي غير ظالمٍ ولا باغٍ على إخوانه المسلمين( أو النصارى واليهود)، والباغون هم الظالمون الذين يخرجون على الحاكم والسلطان( كثوّار جلّ الديب مثلاً!)، أمّا المُتعدّي فهو الذي يتعدّى بأكله من الميتة بغير ضرورة ولا حاجة.
إقرأ أيضا : أمراء الحرب الأهلية ومافيات الفساد لا يخافون الشعب، بل إسرائيل
لا يبقى أمام المواطنين الصابرين الغافلين قبل سقوطهم المحتوم في الجحيم، سوى الدعاء والإبتهال لله تعالى أن لا يُدخلنا في مجاعة ماحقة فنضطرّ عندها إلى اللجوء إلى خزائن قائد الجبهة الشمالية الإسرائيلية الجنرال أمير بارام، الذي استشعر خطراً على إسرائيل من سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان( بعد استبعاد الخطر العسكري باجتياح الجليل من جانب حزب الله)، ممّا سيضطرّه للسير على سيرة النبي يوسف عليه السلام، عندما أطعم المساكين والجائعين من خزائن فرعون مصر، فالقائد العسكري للجبهة الشمالية الإسرائيلية الذي سينقلب فجأة إلى حمامة سلام، أو ناشط في الصليب الأحمر الدولي، أو عضوٍ في منظمة الأغذية والزراعة العالمية( الفاو)، ليجد نفسه فجأة في مواجهة " المجاعة اللبنانية"، حين سيتدفّق اللبنانيون إلى شمال فلسطين طلباً للرّزق وسدّ الجوع، بعد أن أحجم عن إسعافهم الشرق والغرب بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية التي انتهت بخيباتٍ مُتوقّعة وغير صادمة.