كتبت صحيفة الشرق الأوسط
شكا عدد من اللبنانيين من نفاد أدوية معينة، منها أدوية الأمراض المزمنة، من الصيدليات وفقدانها من الأسواق، ما أحدث حالاً من الذعر والخوف، لا سيّما في بلد أصبح فيه انقطاع أو فقدان أي سلعة أو خدمة أساسية مثل الخبز والمازوت والكهرباء، أمراً طبيعياً وممكناً في أي لحظة.
نقيب الصيادلة غسان الأمين طمأن المواطنين بأن لبنان غير متجه إلى أزمة دواء «فلا هو مهدد بفقدان الدواء ولا بارتفاع سعره»، وذلك ما دام مصرف لبنان مستمراً بدعم 85% من الفاتورة الدوائية على أساس سعر الصرف الرسمي (1500 ليرة للدولار وفي السوق السوداء يلامس 8000 ليرة)، مؤكداً أن «استمرار توافر الدواء مرتبط باستمرار دعم استيراده».
وفي حين لم ينفِ الأمين تكرّر فقدان بعض الأدوية من الصيدليات لفترة تتراوح بين 10 و15 يوماً، أوضح في حديث إلى «الشرق الأوسط» أنّ ذلك يعود لأسباب عدّة أبرزها «آلية مصرف لبنان المتبعة في فتح اعتماد للمستورد»، شارحاً أنّ هذه الآلية «تأخذ وقتاً طويلاً يتراوح في بعض الأحيان بين شهر وشهرين، ما يؤخر المستورد عن دفع المال للشركة الموردة التي تقوم ببيع الدواء إلى جهة أخرى، فيضطر المستورد انتظار تصنيع كمية جديدة».
وشرح الأمين أنّ «وكيل الأدوية عادةً ما يطلب الدواء قبل عام وعلى دفعات محددة بتواريخ معينة، وعندما يتأخر عن الدفع بسبب تأخر الاعتماد يقوم المصدّر ببيع الدواء، وهذا يؤخّر وصوله إلى لبنان وبالتالي يصبح الدواء غير متوفر لمدة قصيرة».
ومن الأسباب الأخرى التي أسهمت مؤخراً بفقدان الدواء «لجوء بعض المواطنين إلى تخزين الدواء في البيوت خوفاً من انقطاعه»، الأمر الذي «رفع استهلاك الدواء بشكل كبير وأسهم في نفاده من الصيدليات»، حسبما يرى الأمين.
أما السبب الثالث لنفاد الدواء والذي يتوقع نقيب الصيادلة أن «يتفاقم مع الوقت، فهو التهريب»، إذ يؤكد الأمين أنّه بعد ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء «أصبح سعر الدواء في لبنان، والذي يباع بالليرة اللبنانية، الأرخص في المنطقة» وهذا يعني ارتفاع إمكانية تهريبه.
وفي هذا الإطار يوضح أنّ «تأثير هذا العامل محدود حالياً وذلك لأنّ تهريب الدواء عادةً ما يكون عبر المطار وليس المعابر البرية نظراً لأنه يحتاج إلى برادات وطريقة توضيب معينة»، لذلك فإنّ «التخوف الجدي من التهريب سيبدأ مع عودة حركة الطيران إلى طبيعتها».
وفيما خصّ التخوف من ارتفاع سعر الدواء، أكّد الأمين أنه «لا يوجد دواء غير مدعوم» وأنّ سعره لن يرتفع بل على العكس ممكن أن ينخفض، موضحاً أنّ ما ارتفع سعره هو فقط المتممات الغذائية وبعض المنتجات التي تُباع في الصيدليات والتي لا تصنَّف أدوية، وهي غير مدعومة، فارتفعت أسعارها مع ارتفاع سعر الصرف».
الخطر على القطاع برمّته: وإذا كان دواء المواطن حتى اللحظة بعيداً عن الخطر، فإن الخطر الأكبر يتهدد قطاع الصيدلة برمّته، إذ حذر الأمين من كارثة قد تصيب القطاع في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة من الدولة.
وأكّد الأمين أنّ هناك 200 صيدلية أُغلقت مؤخراً، متوقعاً أن يصل العدد إلى 1000 من أصل 3000 خلال عام، وذلك لأن معظم أصحاب الصيدليات باتوا غير قادرين على الاستمرار.
وانطلاقاً من هذا الواقع، شدّد الأمين على ضرورة الإسراع باعتماد «الجنريك» والسماح للصيدلي بأن ينصح المريض بدواء أرخص والمبادرة بسلة تحفيزات للصيادلة، هذا فضلاً عن ضرورة وضع خطة وطنية للصناعة الدوائية الوطنية بحيث يصبح 70% من الأدوية مصنّعاً محلياً وبسعر ينافس الدواء المستورد، الأمر الذي يسهم بدوره في تخفيف الفاتورة الدوائية على الدولة والتي تبلغ ملياراً و400 ألف، 85% منها يدعمها المصرف.