الدولار انخفض إلى ما دون الستة آلاف ليرة. هذا ما تشير إليه التطبيقات الإلكترونية، التي تحوّلت إلى متحكم في السوق. لكن مع ذلك، فإن هذا السعر يبقى غير قابل للتداول إلا لشراء الدولارات من قبل الصرافين. أما العكس، أي بيعهم للدولار بهذا السعر فيبقى متعذراً، ومحدوداً (اشترى عدد من الأفراد مبالغ ضئيلة من الدولارات - أي أقل من ألف دولار - بـ5800 ليرة للدولار الواحد). الأهم أن الانخفاض يبدو مستمراً، وسط الحديث عن قرار بإعادته إلى سعر يقارب أربعة آلاف. هذا خبر كفيل بدعوة الناس، أو من يخزّن منهم الدولارات، إلى البيع تجنباً للمزيد من الخسائر. لكن في المقابل، فإن غياب الثقة يجعل حركة البيع محدودة، انطلاقاً من أن التخفيض سياسي وغير مبني على وقائع سوقية حقيقية، إضافة إلى لجوء صرافين أمس إلى إعادة رفع السعر إلى ما فوق الـ7500 ليرة، بحسب ما كتبت صحيفة "الأخبار".
وتابعت: "لكن، هل حقاً ثمة من يملك قرار تخفيض السعر؟ لحاك مصرف لبنان رياض سلامة دور رئيسي في التحكم بسعر العملة. كلما ضخ المزيد من الدولارات، انخفض السعر. لكن على ما يظهر فإن المصرف المركزي لم يتدخل بالشكل المطلوب، فكانت النتيجة وصول سعر الدولار إلى مستويات مقلقة.
كثر يثقون بأن للسياسة وصراعاتها دوراً في تخطي الدولار لأي سعر منطقي. لكن مع ذلك، فقد يكون هنالك بعض العوامل التي ساهمت في تخفيض السعر، وأبرزها افتتاح المطار، مع توقعات بدخول 5 ملايين دولار يومياً عبر المغتربين، ثم توسيع السلة الغذائية المدعومة على سعر 3850 ليرة. وهو ما أدى عملياً إلى زيادة المعروض من العملة الأميركية مقابل تخفيف ضغط التجار على طلب العملة من السوق السوداء.
كذلك، يؤكد مصدر متابع أن عودة الحرارة إلى العلاقة بين النائب جبران باسيل وحاكم مصرف لبنان، بمسعى من الرئيس نبيه بري، يمكن أن تكون قد ساهمت في تخفيف الضغط على الدولار. وإذ تشير المصادر إلى أن باسيل طلب من سلامة التدخّل لتخفيض سعر الصرف، إلا أنها تلفت أيضاً إلى أن التواصل بين الطرفين لم يخلص إلى الاتفاق على سلة إجراءات جوهرية لوضع الأزمة الراهنة على سكة المعالجة".
في السياق نفسه، نقلت صحيفة "الجمهورية" عن أوساط سياسية اعتبارها أنّ انخفاض الدولاريستند الى مجموعة معطيات محلية واقليمية ودولية منها: أولاً، إستئناف المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي. وثانياً، المواقف الاميركية الأخيرة التي تؤكّد الاستعداد لمساعدة لبنان على تجاوز الازمة التي يمرّ بها. وثالثاً، زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الجمعة المقبل للبنان، والتي استبقها بمواقف تستبطن الاستعداد الفرنسي للمساعدة. ورابعاً، التوقعات بمبادرة عدد من دول الخليج العربي، وعلى رأسها الكويت وقطر، لتقديم مساعدات للبنان، لتمكينه من تجاوز المرحلة الصعبة التي يمرّ بها.
هل سيعاود الدولار ارتفاعه؟
واصل سعر صرف الدولار تراجعه في السوق السوداء من دون وجود معطيات مالية أو اقتصادية تبرّر هذا الانخفاض. وفيما تحدثت معلومات عن اسباب سياسية وراء الانخفاض تتعلق بقرار سياسي ونقدي في هذا الاتجاه، استبعدت مصادر متابعة لـ"الجمهورية" هذا الامر، خصوصاً انّه فيما لو كان هذا الامر صحيحاً، فإنّه يُعتبر بمثابة مضبطة اتهام في حق من يدّعي القدرة على خفض الدولار اليوم، لأنّ ذلك يعني انّه كان مسؤولاً عن ارتفاعه طوال الفترة الماضية. لكن الواقعية تقتضي الاعتراف بأنّ هذا الامر مستبعد، وبالتالي، وبرغم وصول سعر صرف الدولار الى 6800 ليرة امس، فانّ احتمالات تغيّر المشهد فجأة والعودة الى الارتفاع مجدداً لا يمكن أن تكون مستبعدة.
توازياً، نقلت صحيفة "الأنباء" عن مصادر مالية توقعها أن يستمر إنخفاض الدولار حتى نهاية الاسبوع، لكنها رأت ان ذلك لن يكون له أي تأثير على الأزمة الإقتصادية بسبب الإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية والتهافت عليها من دون ان يكون هناك خطة واضحة للجم ارتفاع الدولار.