لم يسبق أن وصلت الوقاحة إلى هذا المستوى. الكل يعرف أن التعيينات تجرى على أساس المحاصصة الطائفية، لكن أن تُسجّل هذه المحاصصة في مستندات رسمية، فتلك خطوة متقدّمة تُسجّل لوزير الطاقة ريمون غجر، في اقتراحه تعيين أعضاء مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان. قبل ذلك، حكي الكثير عن آلية شفافة تعتمدها الوزارة لاختيار المرشحين، تضمنت الإعلان عن الترشيحات على موقعها الإلكتروني، مع تكليف لجنة من الاختصاصيين لتسلّم السيَر الذاتية وتحليلها واختيار المرشحين المقبولين لإجراء المقابلات معهم، ووضع علامات لكل مرشح وفق معايير تسمح بالمفاضلة بينهم. لكن، لم يقل أحد قبلاً إن من بين المعايير «مقتضيات الوفاق الوطني»، بوصفه المعيار الأول. تلك عبارة منمّقة تعني ببساطة مراعاة التوازن الطائفي والسياسي في اختيار المرشحين، على أن يليها معايير: «التوزيع في الاختصاصات»، «عدم تضارب المصالح» و«الوجود الدائم في لبنان».
الأسوأ أن غجر يُقرّ بأنه بسبب التزامه برفع ثلاثة أسماء وفق مقتضيات الوفاق الوطني، «قمنا بإضافة بعض الأسماء التي وردتنا بشكل مباشر بعد إجراء التقييم وفق الأصول». هذا تصريح بأن مقتضيات الوفاق الوطني تنسف أي آلية للتقييم، مهما كانت شفافة أو علمية.
غجر لم يترك لأي من الوزراء أن «يحزر» الهوية الطائفية للأسماء. لماذا تغطية الواقع بشكليات؟ ولذلك، عمد إلى رسم جدول مؤلف من ست خانات يعلو كل منها طائفة المرشحين: سني، شيعي، درزي، أرثوذكسي، كاثوليكي، ماروني، وفي كل خانة وضع ثلاثة أسماء يفترض أن يختار مجلس الوزراء واحداً منها.
لكن لماذا، بدلاً من آلية وضعها وزير الطاقة، لم يؤخذ بالآلية التي أقرّها مجلس النواب بقانون؟ يؤكد غجر أن الآلية لا تشمل أعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان، لأن هؤلاء ليسوا موظفين، بل يتقاضون بدلاً رمزياً عن كل جلسة يشاركون فيها (100 ألف ليرة). ويوضح أن الأمر مختلف بالنسبة إلى رئيس مجلس الإدارة المدير العام للمؤسسة، الذي يكون موظفاً، وسيخضع تعيينه للآلية الجديدة.