تتضاعف الحالة السياسية المتأزمة في لبنان والتي تنذر بعواقب وخيمة خاصة في ظروف ازمة مالية ومعيشية وسياسية تتفاقم بطريقة جنونية يوما بعد يوم.
حكومة الرئيس حسان دياب، التي تعهدت بوضع خطة إنقاذ لوقف الانهيار المالي والاقتصادي، التي قدّمت نفسها على أنها لن تكون نسخة طبق الأصل من الحكومات السابقة، محمّلة إياها الأزمات التي تحاصر البلد بسبب السياسات الخاطئة التي اتّبعتها وأدت إلى تدهور الوضع، لكنها أثبتت عجزها لافتقارها إلى رؤية اقتصادية متكاملة، ما أدى إلى تأخير التفاوض مع صندوق النقد الدولي لدعم خطة التعافي المالي التي أدرجتها كأولوية في بيانها الوزاري.
وبحسب بعض المصادر التي ترى بأن الحكومة اليوم في مرحلة تصريف الأعمال ، ولفتت الى أن مشكلة الحكومة تكمن في إنها أغرقت نفسها في ملفات تعود إلى الحكومات السابقة لمحاكمتها بدلاً من أن تلتفت إلى المستقبل، بسبب سوء إدارتها للملفات الاقتصادية والمالية التي باتت في حاجة إلى جرعات من الإنعاش في ظل تعذّر تأمين البديل له .
تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية جاء فيه، ان لبنان مقبل على الإنهيار والبؤس والجوع. ونقل التقرير عن مصادر مقربة إستبعاد موافقة صندوق النقد الدولي على القرض نظرا لفشل الحكومة في تقديم خطة إصلاح حقيقية وتزايد الإنقسام السياسي.
إقرأ ايضا : إنزعاج اوروبي من الاداء الحكومي بُعيد الانهيار الكبير
وفي التفاصيل يقول التقرير، بلغت العملة اللبنانية مستويات منخفضة جديدة ،مع تسارع الانهيار المالي والاقتصادي في البلاد، مما ينذر بمزيد من البؤس لملايين اللبنانيين الذين تبخرت قيمة مدخراتهم ورواتبهم.
وفقدت العملة 80 في المئة من قيمتها منذ تشرين الأول ، عندما بدأت المصارف في تقييد سحب الدولارات وهي العملة الأجنبية الرئيسية المستخدمة في لبنان ثم أغلقت أبوابها لأسابيع. وكانت هذه أول إشارة إلى نفاد العملة الأجنبية وتظهر أن اقتصاد البلاد في ورطة عميقة.
وتابعت الصحيفة، أن الاحتجاجات الواسعة النطاق في الشوارع ضد الفساد والمحسوبية التي كانت السبب الرئيسي لمشاكل البلاد قد ضاعفت من حدة الانحدار وشلّت الاقتصاد لأسابيع.
ثم جاء الإغلاق الذي دام سبعة أسابيع لاحتواء الفيروس التاجي في وقت سابق من هذا العام، الأمر الذي زاد من الألم، ولم تفعل إعادة فتح البلاد، التي هي الآن على قدم وساق، سوى القليل لوقف ما يتحول بسرعة إلى انهيار اقتصادي كبير يهدد بزعزعة استقرار المنطقة المضطربة بالفعل.
وتسعى الحكومة إلى اقتراض 10 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لكن المحادثات التي بدأت في شباط لم تتقدم بعد إلى ما بعد المراحل الأولية، وفقا لمسؤولين مطلعين على الإجراءات والذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية القضية. وأضافت المصادر أن الإصلاحات التي وعدت بها الحكومة، غير عملية ولم تتحقق بسبب عدم وجود اتفاق سياسي.
وفي غياب مسار سياسي واضح في المستقبل، لا يوجد أدنى من قيمة الليرة اللبنانية، كما قال ناصر السعيدي، وزير المالية اللبناني السابق الذي يعمل الآن مستشارا ماليا مقيما في دبي، ولقد فقد المواطنون الثقة في النظام المصرفي وتحول البلاد إلى اقتصاد نقدي فقط، وبدأت بعض منافذ البيع بالتجزئة تقبل الدولار فقط والتي يصعب العثور عليه. وقد حرمت العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على سوريا المجاورة ذلك البلد من الدولارات أيضاً، مما جعل لبنان الوجهة الرئيسية للسوريين الذين يسعون إلى تمويل الواردات هناك، مما زاد من الطلب على الدولار. وأضاف لم يعد هناك أي مرساة لقيمة الليرة اللبنانية ونحن ندخل في المجهول.
ويضيف التقرير ، إن التأثير ملموس على البلد الذي كان نابضاً بالحياة في وقت من الأيام، فالأعمال التجارية تغلق أبوابها يوماً بعد يوم، والبطالة آخذة في الارتفاع والأسعار ترتفع. ويعتمد لبنان على الواردات لأكثر من 80 في المئة من استهلاكه، ولا سيما الغذاء، الذي تضاعفت تكلفته تقريباً حتى الآن هذا العام، وفقاً للأرقام الحكومية، مما يزيد من خطر انتشار الجوع على نطاق واسع، ويكافح الناس الذين كانوا يعيشون بشكل مريح من أجل الحصول على دخل فقد ما يصل إلى 80 في المئة من قيمته الحقيقية، مما يرفع أسعار معظم المنتجات ، وخاصة الغذاء، بما يتجاوز إمكانياتهم.
يبدو أن صيفاً حاراً ينتظر لبنان والمنطقة مع تَزايُد التوترات بين واشنطن وطهران واقتراب الانتخابات الأميركية والضغط الأقسى المتصاعد الذي تمارسه الولايات المتحدة على إيران ولبنان حيث تحاول وضع اللوم على حزب الله في الفشل المالي الذي وَصَلَ إلى نقطة اللاعودة. وإن كان هناك من بدأ يتعامل مع الوضع في لبنان على أنه ارتبط كلياً بمصير الانتخابات الرئاسية الأميركية في ضوء رهان محور الممانعة بقيادة إيران وسوريا على فشل الرئيس دونالد ترمب في العودة إلى البيت الأبيض .