دعوة القرآن الكريم مفتوحة لقتال الأحزاب كونها نبتة خبيثة وشيطانية ومخربة ولا ثمرة فيها ولا فائدة منها في عالمنا العربي والإسلامي وقد أثبتت التجربة عقم العمل الحزبي وسوء السياسة الحزبية وقدرتها الفائقة على تخريب وتدمير كل حيّ واهتمامها البالغ بفتح المقابر وتزويد الناس بالسواد كي يبقوا على حياتهم المسودة في كل شيء .
تخلص النبي الأكرم من أحزاب قريش وأنهى مكّة من ظلم المتحزبين وقسوتهم وبطشهم وغدرهم ومكرهم وفتكهم ومصادرتهم للحقوق واستعباد الناس ودعا الى نزال الأحزاب والبطش بهم كون الحزبين قساوسة السياسة ونهى عن التحزب ورفض مفهوم الحزب حيث مقت القرآن الأحزاب وعلا من شأن الأمّة وهذا ما بلّغ به النبيّ أصحابه فلم يؤسسوا أحزاباً وعملوا كمشروع أمّة تحكمها معايير الدين لا معايير السياسة الحزبية التي تبيع وتشتري بحسب السوق السياسي والحزبية الحديثة عصبية جديدة أشرس من عصبيات أحزاب الأصنام التي هدمها النبيّ الأكرم بعصا الجماعة .
إقرأ ايضا : سقّطنا أميركا وهزمنا اسرائيل بس ما فينا للدولار
لذا غابت الأحزاب عن التجربة الإسلامية بل حوربت طيلة التجربة الإسلامية ولعنت ونُهي عن اتباعها لما فيها من استلاب نفسي وعقلي يودي بالفرد الى التهلكة كونه غائب عن وعيه وحاضر في وعي آخر يسلبه لبه وهذا مناف لدعوة الدين في استحضار العقل وعدم تأجيره لأي مستأجر سواء كان مستأجراً مؤقتاً أو دائماً وبثمن أو بلا ثمن ومهما بلغ من العتو .
من هنا تبدو التجربة الحزبية في الدائرة الإسلامية أجنبية ولا مكان لها في النصوص أيضاً وهي تمارس سياستها وفق منشأ الفكرة الحزبية وتخضع لنواميسها ولهيكليتها وتراتبيتها وتبذل ما يرضي الصنم الحزبي الذي يعكف عليه الحزبيون تماماً كما هي الطبيعة الحزبية التي انتهجتها الأفكار القومية والماركسية وقد سبغ الإسلاميون أنفسهم بالألوان الحزبية المذكورة بل واضافوا عليها كماً هائلاً من الإنفعالات التاريخية الجاهلية بحيث التأم شمل الأحزاب الجاهلية القديمة بالأحزاب الإسلاموية الجديدة لتكوين صورة بشعة مشابهه تماماً لبشاعة الأحزاب التي مرّت على أمتنا وهنا يبدو النموذج اللبناني أكثر حضوراً في المشهدية الجديدة لديدن التجربة الحزبية التي أنهت الحياة وأنهكت العباد لصالح زمر أسموا أنفسهم قادة تاريخيين بلعوا ثروات الشعوب وتركوا لهم الثورات كي يبقوا على خط المقابر الشغّال من الليل الى النهار وعلى مدار الساعة .
بدون ندم الى أي تجربة حزبية في لبنان على ضوء النتائج نستطيع القول بأن الأحزاب اللبنانية قد هزمت لبنان وأحرقته ودمرته وعاثت فيه فساداً وخراباً وأنّها ارتكبت بحق اللبنانيين أفظع الجرائم حتى الجريمة الأخلاقية ارتكبتها ولم يردعها أيّ حياء أو شيء على الإطلاق بتخفيض مستوى الإجرام وقد واصلت غيّها بأدوات قتل جديدة أكثر تدميرية من كل الحروب التي خاضتها ضدّ لبنان وهذا ما طال الكل ولم يستثن أحداً فكل من مرّ من هنا أشعل ناره في ما تبقى من لبنان الأخضر الى أن وصل الى يباسه وأصبح لبنان مع الأحزاب لبنان اليابس.