في الوقت الذي يعاني فيه لبنان اوضاعاً مالية واقتصادية بالغة الصعوبة، ومع استمرار غياب المعالجات الجدية للأزمات المستفحلة، وتمضية الوقت بالتباينات الحادة حيال الارقام المالية للخطة الحكومية التي تخوض على اساسها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وفيما يستعد قصر بعبدا لاستضافة حوار وطني يفترض ان يشكل مساحة نقاش في القضايا الوطنية الاساسية، المتصلة بوأد الفتنة وتعزيز السلم الأهلي، على ما أعلنت دوائر بعبدا.
مصادر سياسية كشفت ، أن بعض المدعوين إلى حوار بعبدا، يتريث في تأكيد حضوره متسائلاً عن جدوى إعطاء شرعية لحسان دياب وحكومته التي أثبتت فشلها،كما تعتبر تلك المصادرإن لقاء بعبدا وإن حصل لن يخرج بشيء مفيد أو جدي.
رغم أن الحراك السياسي الجاري يهدف الى جمع القوى والأحزاب المختلفة على طاولة سواء في بعبدا، بهدف تقديم مشهد وطني جامع يؤسس لأرضية تتصدى لأي اختراق للساحة المحلية، ويرسل إشارات إيجابية باتجاه الخارج الممثل بصندوق النقد الدولي، رفع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل منسوب التصعيد في مرحلة اكثر ما تحتاج اليه البلاد هو التهدئة والتروي والتعامل بمسؤولية مع الاستحقاقات الداهمة. ذلك ان المواقف الحادة التي أطلقها باسيل التي طالت الحلفاء قبل الخصوم في السياسة والمال والاقتصاد. بدا وكأنه خارج السياق، مع أنه شدد فيه على عدم إهدار فرصة التفاوض مع الصندوق وعلى لقاء بعبدا المرتقب، لكنه وجه الكثير من الرسائل للأصدقاء كما للأخصام، بشكل مباشر وغير مباشر.
وكان واضحاً الغمز من قناة حزب الله في أكثر من موقف قاله باسيل، الى جانب كلامه الواضح حيال الحكومة التي رغم ملاحظاته قال إن لا بديل عنها حاليا. ثم رمى السهام باتجاه تيار المستقبل، في خطوة مستغربة قبيل أيام من لقاء بعبدا، وفق ما رأت مصادر معارضة الأمر الذي يطرح من وجهة نظرها تساؤلا حول الهدف من هذا المؤتمر، خاصة وأن الجو الذي بثه كان بعيدا عن أجواء الحوار واللقاءات التي يشهدها البلد، وبعيدا عن محركات عين التينة التي تسعى جاهدة للملمة ذيول أي توتر بين القوى السياسية في محاولة لإنجاح حوار بعبدا، سائلة عن الهدف من خلق هذا الجو بهذا التوقيت تحديدا.
صورة لقاء الخميس في بعبدا، ما زالت مشوشة،بصرف النظر عن مبادرة الرئيس نبيه بري، الذي اخذ على عاتقه دعوة رؤساء الكتل النيابية، الى لقاء بعبدا فإن المكتوب يقرأ من عنوانه، حيث سارع رؤساء الحكومات السابقين، الى اصدار بيان، وصف بـالعنيف، في مواجهة ما اسموه العهد القوي وقد اعتبر هؤلاء ان الوقائع تكاد تميز هذا العهد بالانقضاض على حرية التعبير، وعلى اتفاق الطائف، والالتفاف على الدستور وتجاوز حد السلطة والمس باستقلالية القضاء، و الاغراق في ممارسة الاستئثار والتسبب بالاختلال في التوازنات الداخلية، وفي تدمير علاقات لبنان العربية والدولية والمشكلة، على ما يقول الرئيس السنيورة، تكمن في استعادة الثقة وفي السياستين الداخلية والخارجية ليخلص قائلا ان الهدف من طاولة الحوار هذه، تبييض لصفحة حزب الله وعون لباسيل، ونحن لن نساهم في هذه العملية .
إقرأ ايضا : وحدها السلطة تعيش على أوهام الإنجازات
لقد اظهرت اتصالات اليومين الماضيين، وما رافقها من انشطة سياسية مفاجئة، من بينها حركة فرنجية، ان لقاء بعبدا الموعود، يواجه عقبات، خصوصا على مستوى المدعوين للمشاركة الا اذا ناهيك بالتشكيك بجدواه، المبني على تجارب سابقة وقد بات عديدون على قناعة، بان مثل هذه اللقاءات لا صفة رسمية وتنفيذية لها، وان اتخذت طابعا معنويا، بعض الشيء، والعبرة في الاتي من الايام.. ليبنى على الشيء مقتضاه.
وواضح أنه في حال قرر رؤساء الحكومة السابقون مقاطعة اللقاء اعتراضا على عدم وجود جدول أعمال محدد، فإن مصادر بعبدا أكدت انه لن يكون هناك لقاء ولا حوار، ما يعني المزيد من الارتدادات الاقتصادية والأمنية.
من هنا، يبدو الرئيس عون في وضع المحرج، فإن استمر في الدعوة للقاء واجه الاحتمالات السلبية الظاهرة للعيان، وان ألغاها فإن المردود السياسي والاقتصادي سيكون سلبيا للغاية وقياسا على بعض ردود الفعل على تصريحات جبران باسيل لا تبدو الأجواء مشجعة.
ختاماً من يراقب عن كثب ما آلت اليه الاوضاع، في الداخل اللبناني، جراء جملة معطيات وتطورات، داخلية وخارجية دولية واقليمية، يضع يده على قلبه، حذر الآتي من الايام، وما يمكن ان تحمله واللبنانيون، على وجه العموم، باتوا تحت رحمة ما تراكم من قضايا وملفات، خصوصا في ظل الانهيار الاقتصادي و المالي والمعيشي ناهيك بالمخاطر التي تهدده ، ابتداء من كورونا، الى. قانون قيصر، الى حرب الدولار الاميركي على الليرة اللبنانية وفي ظل هذه الاوضاع ينطبق على اجتماع بعبدا إن حصل، دعوة ينطبق عليها القول لزوم ما لا يلزم .