لا أدري إلى أي حدٍّ يمكن أن تتمادى الإدارة الأمريكية بالضحك على شعوب العالم الثالث، بل حتى على العالم الأول والحليف لها، إذ تتعامل معها من موقع القوة والغطرسة، وفي الوقت عينه هي معقل الديمقراطيات، وما الحيرةُ في معقلها إلاَّ ذلك النصب التذكاري الضخم التي ترفعه في تلك المدينة النييوروكية ، وتكونت تلك العضمة بتمثال الحرية، وشعلة الحريات والديمقراطيات لتضيء للعالم شعلة ضوءٍ تنير العقول وتحترم الإنسان والحياة.
فعلاً إنه أمرٌ مُحيِّرٌ، واحترنا مع تماثيلها الضخمة، تارةً يحاضروننا بالحرية والديمقراطية، وتارةً أخرى بالإقتصاد الحر والمستقل، وبالسيادة والاستقلال واحترام اختيار الشعوب، وثالثةً بالفضيلة ومكارم الأخلاق، يا لسخرية تلك الشعلة، إذ آخر ابتكاراتها وانجازاتها هي أنظمة البلطجة التي تذكرنا بأفلامها (الكايبوية) والفيلم الكاوبوي، هو ذاك البطل الدموي والبلطجي الذي لا يموت، والذي بدأ في منطقتنا الشرق الأوسطية، وانتشر في لبنان، تحت شعار محاربة "الإرهاب" فعلاً أمرٌ مريب وغريب وعجيب، دولة لا يُعرف من تاريخها الفعلي سوى اضطهاد السود ، وإذلال وقهر وقتل وظلم واستعباد السكان من الهنود الأصليين ببطش ومن دون رفة جفن ولا شفقة ولا هوادة ولا رحمة،وجاؤوا إلى العالم الثالث، وخصوصاً العالم العربي والإسلامي، ينهبون الخيرات والأموال والمقدرات تحت شعار محاربة "الإرهاب" ولكن للأسف معضم الدول العربية والإسلامية لا ندري كيف تفكر؟ ألا يرون أنهم يضحكون على الذقون واللحى والعقالات والدشاديش والعمائم واللباس العربي الأصيل.
إقرأ ايضا : الإنتصارات تتقدَّم إلى الوراء
عن أي إرهاب يتحدثون؟ وهل هناك أفضع وأبشع وأشنع من إرهابهم بقتل الشعوب التي لا ناقة لها ولا جمل، وعن أي إرهاب يريدون أن يقاتلوه؟. من يقاتلوا في المنطقة سوى المضطهدين والمعذبين والمظلومين، في لبنان، أهل السلطة والنافذين بالدرجة الأولى هم من سرقوا أمواله، ونهبوا خيراته، وأذلوا شعبه، وأفقروا الدولة وأفسدوها وأفلسوها، هم من دمروا النظام اللبناني، وسيطروا على العباد والبلاد، ثم بادرت شعلة الحرية الأمريكية بمساندة تلك الطبقة، وصارت تتصرف مثل أي جمهورية من جمهوريات العالم الثالث، لم يدفع الثمن إلاَّ الناس البسطاء والفقراء والمحرومين، وساندت تلك السلطة بفرض المزيد من القهر والحرمان، هذه هي الإدارة الأمريكية السياسية، المبنية على المزاجية، مزاج المسؤولين لدى السلطة العظمى في هذا العالم، فهي لا تريد الخير لشعوب المنطقة، بل للسيطرة البلطجية على مقدارات الشعوب ومن دون خجل، بل بكل وقاحة. نداؤنا لكل ضميرٍ حيَّ، إنَّ كان للسلطة اللبنانية من ضمير، للأقل لا نريد منكم استرجاع ما سلبتموه من أموالنا، ولا استرجاع ما أخذتم من أعمارنا، لأنَّ المال المسروق لن يعود، تماماً كالعمر الذي مرَّ علينا وعلى آبائنا وأجدانا، لكن نداء نوجهه إلى سلطة أمراء الطوائف وأسياد الأحزاب، من أجل مستقبل أبنائكم وأبنائنا والجيل الذي يأتي، ضخوا من أموالكم المكدسة، كل زعيم طائفة وحزب، لو ضخَّ ملياراً واحدأً من ملياراته، والشعب اللبناني يسامحكم، لأنه شعبٌ طيبٌ لا يريد إلاَّ العيش بكرامة، ولتبقوا في السلطة والزعامة، ولتبقى ملياراتكم لكم، لأمكننا أن نصمد ولا نجوع ولا نترك السلاح،ويبقى الشعب حاضراً في كل ساح. ونرفع أيدينا إلى السماء، ثم نبتهل إليه ليزيد في أعماركم إلى ما شاء الله. عشتم وعاش كل ضميرٍ حيٍّ.