لم يعد خافياً على احد حجم الضغوط التي يتعرض لها محور الممانعة بسبب العقوبات الاميركية وخصوصاً بعد دخول قانون "قيصر " حيز التنفيذ في شهر حزيران الجاري.
اعتاد حزب الله قبل عام ٢٠٠٠ على بلورة سياساته الداخليه والخارجية بطريقة مرحلية فكان يدرس حساباته حسب القاعدة الشرعية "صوموا على رؤيته " فيستشرف المستقبل القريب من خلال دراسة الواقع بطريقة موضوعية .
جاء تحرير الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي في وقت كان النظام السوري يسيطر على جميع مفاصل الدولة اللبنانية وذلك بالاتفاق مع جميع اطراف الحكم شرط تقاسم الحصص وتوزيع الغنائم وكان حزب الله جزء اساسي من هذه المعادلة فثبت السوري حصرية السلاح بيده مما جعله متغاضياً عن كامل ملفات الفساد الذي ينهش الدولة منذ اتفاق الطائف وصولاً الى اغتيال الرئيس الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان عام ٢٠٠٥، فبعد ان كان هذا الحزب المرتبط ايديولوجياً بايران محصوراً دوره بالمقاومة مع بعض الامتيازات السياسية ، اصبح الوريث الفعلي للوصاية السورية وبذلك هيمن على القرار السياسي والسيادي اللبناني واصبح لديه فائض من القوة نتيجة سلاحه مما جعله امبراطوراً يحاكي حلفاءه قبل الخصوم .
استمر الحزب الحاكم بممارساته الفظة مع سائر القوى السياسية اللبنانية وازداد تعنتاً بقرارات ادخلت لبنان في لعبة المحاور مروراً بسيطرته العسكرية على بيروت في ايار ٢٠٠٨ و تشكيله حكومة امر واقع في برئاسة نجيب ميقاتي بعد استعراضه قمسانه السوادء المخيفة واخيراً دخوله الغير مبرر الى سوريا واغراقه الجمهورية اللبنانية في الوحول الشقيقة دون مراعاته حداً ادنى من الشعور الوطني والارتباط العربي.
اليوم وبعد تسعة اعوامٍ من الحرب السورية قررت الادارة الاميركية فرض عقوباتٍ على نظام الاسد متهمةً اياه بانتهاك حقوق الانسان وارتكاب مجازر موثقة بحق الشعب السوري ،كما ان هذه العقوبات ستطال كل حلفاء النظام حسب قانون "قيصر"، اذاً ستشمل حتماً حزب الله الذي مارس خلال السنوات الاخيرة نوعاً من جنون العظمة معتبراً نفسه الاقوى في لبنان والمنطقة وغير مستعداً للتنازل قيد انملة.
فهل يعيد حزب الله حساباته بعد "قيصر" ام ان استعراضه الاخير في بيروت هو رسالة جديدة للادارة الاميركية؟