فيما كشفت مصادر مطلعة عن معلومات ترجّح استقالة رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود بعد «حجر» مرسوم التشكيلات في القصر الى ما بعد العطلة القضائية، اي الى تشرين المقبل، حيث سيصطدم بـ»عِقَد تشرينية» إضافية مطلع الخريف، بعد ان يطال «خريف العمر» عدداً من القضاة المُشكّلين الذين سيُحالون على التقاعد، الامر الذي سينسف التشكيلات برمّتها من الاساس، وحتى لو تحلحلت العِقَد السياسية، فإنّ «الإحالات التقاعدية» في تشرين ستعود لفرملته.
وفي السياق، لفتت مصادر قضائية متابعة، انّ الاسبوع المقبل قد يشهد موعد إعادة استدعاء القاضية غادة عون، بعدما تأجّل من قِبل النيابة العامة التمييزية لانشغالها في جلسات اخرى. فيما علمت «الجمهورية»، انّ القاضي غسان خوري، الذي توكّل متابعة الملف، تريث قبل الاستدعاء لتحضير المستندات المطلوبة وتجميع الملفات الضرورية قبل الاستدعاء، علماً انّ الملف الاساس الذي سيرتكز عليه الاستجواب، هو دعوى القدح والذم المقدّم من مجلس القضاء الاعلى، الذي تحرّك على خلفية كلام عون على صفحتها الخاصة وعبر مجموعات قضائية على «واتساب»، متهمة مجلس القضاء بأنّه لا يكافح الفساد وبأنّه ينتقم منها بسبب ملف التشكيلات القضائية.
واشارت مصادر قضائية مطلعة، بعد تعليق مصادر مقرّبة من عون من أنّ استدعاءها منافٍ للقانون، الى انّه في الاصول القانونية حين يُنسب الى القاضية جناية، عندئذٍ يحق للرئيس الاول تعيين قاضي تحقيق من درجة عون او اعلى رتبة للتحقيق معها، وذلك بعد ادّعاء المحكمة التمييزية عليها بتهمة الجناية. اما بالنسبة للجنحة، فيمكن لأي محام عام تمييزي التحقيق معها، كما يحق لأي قاضٍ الادّعاء عليها امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
واضافت المصادر، كذلك في حالة الجناية او الجنحة، فإنّ المحامي العام التمييزي يمكنه الاستعانة بمعاونين للاستماع الى أي قاضٍ، وهذا الاستماع يتمّ بإشراف المحامي العام التمييزي. فالامر لا يتعلق بالتحقيق وبالدرجات.
فيما كشفت مصادر قضائية، أنّ القاضي خوري سيستجمع ملفات الدعاوى المقدّمة لتحضير ملف كامل، يشمل كل الدعوات المقامة بحق القاضية عون قبل تحديد موعد استجوابها، وانّ الموعد المقرّر للاستجواب سيكون خلال الاسبوع المقبل، وهو لم يُلغَ بل تأجّل.
في مقلب آخر، اشارت مصادر قضائية متابعة، الى انّه لا يحق لعون رفض طلب الاستدعاء، متذرّعة بالرتب أو بالجهة القانونية أو بالدرجات، لأنّها لم تعترض في الأساس على طلب القاضي قبلان، ولم تعترض على درجته القضائية الادنى من درجتها ، إلّا انّ النائب العام التمييزي غسان عويدات قرّر نقل الدعوى الى المحامي العام غسان خوري، وهو إجراء عادي وليس هناك أي أسباب أو خلفية للقرار بل امور قضائية بحتة... وربما، حسب تعبير المصادر القضائية، لأنّ القضية اصبحت اكثر جدّية .
وفي معلومات لـ»الجمهورية»، انّ الجهة السياسية التي لم تحبذ استدعاء القاضي قبلان للقاضية عون، لم تعارض تسمية القاضي خوري المعروف بحياده، بل اكتفت بالصمت.
وتجدر الاشارة الى انّ القاضي خوري، الذي ارجأ استدعاء عون الاسبوع الفائت دون تحديد موعد لاحق، هو اليوم بصدد متابعة ملفين يضاهيان بالأهمية القضائية الدعاوى الخمس المقدّمة بحق القاضية عون، وهما ملف الأملاك البحرية وملف الفساد في الضمان الاجتماعي. فيما علمت «الجمهورية»، انّ الملف الاول الذي انطلق بزخم، لم تُسجل عليه حتى اليوم اي اعتراضات سياسية، أو اي ضغوط فاقعة لإيقافه ...وفي المعلومات، انّ عدد المنتجعات المُلاحقة في هذا الملف تبلغ 350 منتجعاً بحرياً، وقد انتهت المدة المحدّدة لها من قِبل القضاء قبل دفع مستحقاتها الضريبية مطلع الاسبوع الفائت. فيما كشفت المعلومات القضائية لـ»الجمهورية»، انّ العدد الاكبر من تلك الأملاك البحرية بادرت الى دفع المستحقات الضرائبية المتراكمة عليها منذ سنين. أما المنتجعات البحرية التي لم تسدّد، فهي تلك التي تقدّمت بطلبات تقسيط للدفعة الاولى، كما هناك الذين اعترضوا امام القضاء واستحصلوا على وقف تنفيذ، وهؤلاء لا يتعدوا الخمسة او العشرة بالمئة من مجموع المنتجعات.
الحصانة للقضاة؟
وبالعودة الى موعد استدعاء عون، فقد لفتت المصادر القضائية نفسها، انّ ادّعاء مجلس القضاء على عون يُدرج كجرم جزائي، اذا تبيّن في التحقيق اية ادلة مثبتة تطالها. اما بالنسبة لمبدأ الحصانة الذي يحمي القضاة، فلفتت المصادر نفسها، انّ حصانة القاضي تكمن في المحاكمة وليس في العقوبة. وبمعنى أوضح، فإنّ عون ستُحاكم وفق اصول معيّنة في «تشكيل المحكمة» وليس كالمواطن العادي الذي يمثل أمام محكمة الجنايات، فيما يُحاكم القاضي أمام «محكمة التمييز» التي تضمّ جميع رؤساء التمييز، وهي محكمة مخصّصة لها ومؤلفة من 10 قضاة، يُعتبرون من كبار قضاة العدلية، ويُطلق عليها «الهيئة العامة لمحكمة التمييز»، على أن يحقق معها قاضي تحقيق أول يُعيّن فقط من قِبل رئيس مجلس القضاء الاعلى، ولا يحق للقاضي الذي يحقق معها تسطير مذكرة توقيف بحق القاضية المتهمة، إلّا بموافقة رئيس مجلس القضاء الاعلى، علماً أنّ مجريات وآلية التحقيق الاولي تختلف مع اصول التحقيق الاستنطاقي، فيما ستخضع القاضية عون في الاسبوع المقبل، إذا تجاوبت مع طلب الإستدعاء، الى تحقيق أوّلي، واذا ما ثبتت عليها تهمة الجناية فسيلزمها إجراءات لتعيين قاضي تحقيق لها، اما اذا كانت التهمة جنحة فستمثل امام الهيئة العامة. علماً أنّ مصادر قضائية اشارت الى انّ الملف بحاجة الى مأسسة ويفتقد الى مستندات اساسية، وهو بحاجة الى درس وتكوين قناعة.
استفسار عن الدعاوى الخمس
وفي معلومات «الجمهورية»، أنّ القاضي خوري سيستدعي القاضية عون وسيستمع الى إفادتها الاسبوع المقبل، مستفسراً عن كافة الدعاوى المقامة ضدها وليس فقط دعوى المجلس الاعلى للقضاء. مشيرة الى أنّ الكلام عن حفظ الدعاوى الباقية ليس دقيقاً، لأنّ الدعاوى ستُحفظ في حال لم يتمّ إدانة القاضية عون.
«زكزكات» قضائية وليس سياسية
يردّد البعض، انّ ملف القاضية عون برمته تمت إحاكته بعد فشل مجلس القضاء الاعلى بتحييدها ونقلها من منصبها، الّا انّ مصادر قضائية متابعة تؤكّد انّ ملف عون، وبعكس الاعتقاد السائد بأنه سياسي بحت، يكتنفه وفق معلومات المصادر نفسها، حزازيات محض قضائية وانتقامات داخلية بين القضاة وداخل المحاكم العدلية، اي قضائية - قضائية. فيما تقيّم المصادر نفسها الدعاوى المقامة بحق القاضية عون بمثابة «إطالة معنوية» وبأنّ عون في النهاية «لن تُساق مكلبجة» ولن تُحاكم، «اما الحَجَر... فكبّروه معنوياً».