مسلسل الرصاص الطائش والسلاح المتفلت لم ولن ينتهي في ظل الدولة العاجزة عن تأمين الحد الأدنى من مقومات السلامة العامة؟ وفي ظل العجز الفاضح عن وضع حد لسارقي أرواح الناس من حملة السلاح والعصابات المتفلتة على جميع الاراضي اللبنانية.
قضت ورود كنجو (28 سنة)، أول من أمس، وبين يديها طفلها الصغير برصاص السلاح المتفلّت. تركت طفلها الرضيع (سنة ونصف سنة) ممدّداً إلى جانبها، وخلّفت وراءها أخويه الصغيرين اللذين كانا ينتظرانها في المنزل وزوجاً مفجوعاً برحيلها الصادم. كانت واحدة من "الجولات" اليومية بين تجار المخدرات التي اعتادها سكان مخيم شاتيلا، والتي تقتل كثيرين من غير ضجة في العادة.
لكن الكاميرات، هذه المرة، وثّقت مقتل ورود، ولولاها لماتت من دون بواك كحال من سبقوها.
هناك في المخيم حيث الموت هو العادي، تجارته تجري بعادية فجة. العادي الذي من فرط عاديته لا يفعل أحد شيئاً لكسر رتابته. كان على سكان المخيم أن يتكيّفوا مع الموت، ولعل هذا ما يفسّر خروج ورود في عز لعلعة الرصاص لقضاء شؤون الحياة فغدرتها رصاصة "عادية"!
الجميع هناك يستنكر ويتقاذف المسؤوليات. في المخيم الصغير بمساحة تقل عن كيلومتر مربع واحد نحو 16 فصيلاً فلسطينياً.
لذلك،سيكون عدد بيانات الاستنكار هائلاً على وقع الموت الذي لا يفعل أحد شيئاً حياله. تبدأ القصة من الهنغار الشهير الذي بني منذ أكثر من 15 سنة على أطراف المخيم، في شارع قريحة الذي بات يعرف بـ"شارع الموت".
بعد فاجعة مقتل ورود لم تهدأ غضبة الأهالي. خرجوا في تظاهرات ليلاً يحملون العصي وكل ما كبتوه طويلاً من صرخات، وتقدموا نحو بيوت التجار المشبوهين يتقدمهم زوج ورود، توفيق كنجو، حاملاً طفله وسط هتافات "تاجر المخدرات موساد صهيوني"، "شعبي ع المخدرات"، "بدنا نحرق الهنغار"، و"الشعب يريد إسقاط المخيم"...
والهتاف الأخير يحمل الكثير من اللوم للفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية داخل المخيم وللدولة اللبنانية، ويذهب أكثر الى القول صراحة إن الفصائل متورطة ومستفيدة من التجار.
أحد سكان المخيم (رفض الكشف عن هويته) قال إن بقاء الهنغار مردّه أن "المسائيل يقبضون من تجار المخدرات ويغطونهم".
أما بيانات الاستنكار فلا تعدو كونها "ضحكاً على الدقون لم تعد تنطلي على الأهالي»، فيما المداهمات التي تقوم بها قوى الأمن الفلسطيني هدفها "امتصاص غضب الأهالي ولا تحل مشكلة المخدرات المتجذرة في المخيم".