بعد الأحداث الاخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية يوم السبت الفائت وعلى خلفية افتعال الاحداث الطائفية صدر بيان عن المثقفين الشيعة في لبنان وفيما يلي نصه :
ثقافة الشيعة ضد الظلم والفساد، وهم دعاة الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.
من ابرز ما حققته انتفاضة ١٧ تشرين، هو ان اللبنانيين خرجوا الى الشارع بانتمائهم الوطني، رافضين وضعهم في حضائر مذهبية وطائفية، متحدّين في وجه السلطة التي طالما استثمرت نفوذها طائفيا ومذهبيا، في سبيل ترسيخ الفساد والمحاصصة واضعاف الدولة.
واذا كانت الوحدة الوطنية هذه قد جسدتها الانتفاضة عبر فعالياتها المختلفة، فان محاولات استهدافها والقضاء عليها، بدأت منذ الايام الاولى لانطلاقتها، ولا تزال مستمرة حتى اليوم، ولا يخفى على اللبنانيين ان ما جرى في ٦ حزيران الجاري، هو تظهير وقح ومذموم لسياسة زج اللبنانيين في حظائر طائفية، وتجييشهم في معارك مفتعلة باتت ممجوجة.
ان الاصرار على رفع شعار شيعة شيعة وترداده من قبل شراذم منظمة وموجهه، ما هو الا دفع وتمهيد الى ارتكاب جرم الاستفزاز وانتهاك مقدسات المؤمنين، وهو نهج وسلوك متعمد، يعكس مأزق اصحاب السلطة التي باتت عاجزة ازاء اسئلة الجوع والانهيار الاقتصادي، و يفضح تنكرها لمسؤولياتها تجاه المجتمع والدولة، ويعبر عن حراجة مأزقها، بالذهاب مجددا الى اثارة الفتنة والاستثمار بها، كسبيل للمحافظة على سيطرتها وفسادها.
ازاء هذه المحاولات المكشوفة لضرب انجازات انتفاضة تشرين، وامام السعي الدؤوب من قبل قوى نافذة لاستحضار ما طوته الانتفاضة من انهاء المحاور وخطوط التماس المذهبية والطائفية، نلتزم بموقع الاستمرار في دعم الانتفاضة والثورة، ونعلن انتماءنا مجددا لخيار الدولة المدنية وللعيش الواحد ببن كل اللبنانيين، ونؤكد ادانتنا المطلقة لكل هذه السياسات الفئوية والضيقة، التي تحاول ان تتسلق على خطاب الانقسام والفتنة. ونتوجه بالدعوة الى كل اللبنانيين الى التمسك بخيار التغيير نحو دولة المواطنة والدستور والقانون، وننصح تلك القوى التي اوغلت في تعميم ثقافة الانقسام والعزلة والاستكبار، واستثمرت بالغوغاء والغرائز المذهبية، بان هذا الخيار هو خيار الانتحار، وهو اعلان موت، وسلوك الضعفاء في دينهم ووطنيتهم وقبل ذلك في عقولهم.
ومن هذا المنطلق نعلن بثقة عالية تستند الى انتمائنا الى لبنان وعروبتنا والى اهلنا في مناطق الجنوب والبقاع والضاحية، والى معرفة تاريخ الشيعة اللبنانيين برموزهم التي اغنت لبنان والفكر، وثقافة التسامح والوحدة، ان ما تردد من شعارات طائفية ومذهبية، انما هو مخالف لكل ما يتصل بهوية الشيعة اللبنانية والعربية والهوية الاسلامية الجامعة، وهو يمثل ثقافة طارئة ومخجلة، غايتها تحويل الشيعة من جماعة الاجتهاد والتنوع والتعدد الى جماعة مغلقة على كل القيم التي رسخها ائمة الشيعة الكبار بدءا من الامام علي الذي قال كلمته الشهيرة ..والله لأُسلمنّ ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور الا علي خاصة..