كتبت صحيفة " النهار " تقول
لم يكن مستغرباً أن تخرج جلسة مجلس الوزراء مساء امس بمقررات أقل ما توصف به بانها أقل من عادية، فيما تتفاقم في طول البلاد وعرضها الازمات والمشكلات الخدماتية وكانت آخرها ازمة شُح المازوت المنذرة بمضاعفات سلبية للغاية على قطاعات عدة. ذلك ان الواقع الحكومي بات يقترب من تجربة استتباع للقوى السياسية على نحو يشل إنتاجية الحكومة ويقعدها عن الحد الأدنى من القرارات الحاسمة ولا سيما منها تلك التي تحمل طابعاً إصلاحياً يساعد الحكومة في المضي بنهج مقنع في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي.
لكن حسابات الحقل الحكومي لا تنطبق على حسابات بيادر القوى النافذة، بدليل الترحيل المتكرر أمس لملف التعيينات الإدارية، كما رحلت الى أجل غير مسمى التعيينات المالية لنواب حاكم مصرف لبنان وهيئة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية لتعذر التوافق على المحاصصات السياسية والحزبية.
ويبدو ان الأيام القريبة ستنطوي على خطورة تصاعدية في المشهد الداخلي نظراً الى تزامن مجموعة عوامل واستحقاقات ضاغطة دفعة واحدة. فثمة اتجاه برز أمس الى انعقاد المجلس الأعلى للدفاع في نهاية الأسبوع لاقرار توصية لمجلس الوزراء بتمديد حال التعبئة العامة أربعة أسابيع بعد الثامن من حزيران، في حين تقرر المضي في المرحلة الرابعة من رحلات اجلاء المغتربين في الأيام المقبلة. وستتخذ التوصيات المتعلقة بتمديد التعبئة طابع التشدد حيال التجمعات ولو ضمن تدابير فتح البلاد بمعظم قطاعاتها، الامر الذي سيتقاطع مع اتجاه العديد من الجماعات المنخرطة في الانتفاضة الاحتجاجية الى جعل السبت المقبل يوم انطلاقة حاشدة جديدة للانتفاضة عبر التجمع في ساحات وسط بيروت.
واذا كانت الأوساط المعنية رفضت من الان الإفصاح عما ستتخذه السلطة من إجراءات لضمان الحفاظ على الحق في التعبير، فيما ينبغي أيضا الحفاظ على إجراءات الحماية الجماعية والفردية من العدوى الوبائية، فان شكوكاً بدأت تتصاعد في الساعات الأخيرة حيال ما اطلق من مواقف لوزير الداخلية كما لقائد الجيش عن الاستقرار بما يرسم علامات مقلقة بالنسبة الى استحقاق تقاطع الانتفاضة المتجددة وتجديد حال التعبئة العامة. وفي أي حال، فان واقع تفاقم الازمات الخدماتية لم يكن سوى عامل تزخيم للاستعدادات الجارية للانطلاقة المتجددة للانتفاضة الاحتجاجية السبت، اذ كشفت الاجتماعات المتلاحقة في السرايا عقم هذا النمط من المعالجات بحيث يسمع اللبنانيون تطمينات لا تتوقف، فيما تشتد على ارض الواقع الازمات وتتراكم وتزداد تعقيدا. وفيما كان رئيس الوزراء حسان دياب يستبق جلسة مجلس الوزراء باجتماعات خصص بعضها لازمة توزيع البنزين والمازوت وإطلاق تطمينات الى أن لا ازمة توزيع للمادتين، اذا بوزير الطاقة ريمون غجر يعترف بعد الجلسة بوجود مشكلة في توزيع المازوت ويبررها بطريقة فتح الاعتمادات لشراء المازوت وشروطها لقبولها في الخارج وأكد أ، ما حصل نجم عن انخفاض مخزون المازوت علما ان لدى الشركات مخزوناً كبيراً وكافياً لتسليم المحطات.