انطلقت يوم الاربعاء الماضي في ١٣ من الشهر الجاري المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي تزامنا مع اطلالة الامين العام لحزب الله حسن نصر الله، في ذكرى القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين الذي اغتيل في سوريا.
اعلن نصر الله وبشكل مباشر وصريح انه سمح للحكومة اللبنانية البدء بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كما اكد ان القرار النهائي يعود له، معربا عن عدم تفاؤله بالوصول الى النتائج المرجوة والحصول على المساعدات المالية التي يحتاجها لبنان للخروج من ازمته الاقتصادية، علما ان المشكلة ليست مرتبطة بالازمة الصحية بل بالشروط التي يحاول نصر الله فرضها متلطيا بازمة الكورونا قائلا ان معظم الدول تعاني من ازمات مالية ابتداء من الولايات المتحدة الاميركية واوروبا وصولا الى معظم الدول الغنية في المنطقة بسبب انتشار فيروس الكورونا، “الذي ينتظر ويتوقع مساعدات دوليّة، ويناقش في خيارات سياسيّة للحصول على مساعدات، من الذي سيقدمها؟ أمريكا التي ستقترض للمحافظة على اقتصادها ودول أوروبا ودول عربيّة غنية (؟!)”.
اوضح نصر الله شروطه التي تتعارض كليا مع صندوق النقد الدولي واهمها المعابر الغير شرعية بين لبنان وسوريا والتي تستنزف الاقتصاد اللبناني، بالاتجاهين من خلال تهريب المواد المدعومة من لبنان الى سوريا، اضافة الى المواد والبضائع المحظورة بسبب العقوبات، وبالاتجاه الثاني من سوريا الى لبنان دون المرور بالجمارك، معتبرا ان الجيش اللبناني ليس لديه القدرة على ضبط الحدود والمعابر الا في حالة واحدة وهي التعاون مع الجيش السوري مستثنيا المعابر التي تخص "المقاومة"، وقال: "الجيش اللبناني لا يمكنه وحده منع التهريب عبر الحدود والطريق الوحيد لذلك هو التعاون الثنائي بين الجيشين اللبناني والسوري"، وقد هدد نصر الله المطالبين من داخل لبنان بنشر قوات دولية على الحدود، معتبرا ان هذا المطلب كان احد أسباب حرب تموز عام ٢٠٠٦ بينه وبين اسرائيل. وهذا المطلب مرفوض كليا كونه مطلبا اسرائيليا.
والنقطة الثانية التي يطالب بها نصر الله هي وجوب تحرك الحكومة اللبنانية للعمل على ترميم العلاقات مع النظام السوري (الذي يعيش تحت سيف العقوبات الدولية والحصار والمقاطعة العربية والدولية)، بهدف الوصول الى الاسواق العراقية عبر حدود البوكمال و اعتبر نصر الله أن "ترتيب الوضع مع سوريا سيفتح أبوابا مهمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في لبنان” ... وتابع: "سوريا اليوم بحاجة اقتصادية للبنان، وهذا التفاهم والتواصل يفتح الأبواب، أحد أشكال المعالجة المنطقية هو ترتيب العلاقة لفتح الحدود وتصدير إنتاجنا الى العراق". وهذا الطلب يتعارض كليا مع صندوق النقد الدولي كون لبنان سيصبح داخل العقوبات المفروضة وبالتالي صندوق النقد الدولي سيكون شريكا في مخالفة العقوبات مما قد يؤدي على فرض عقوبات على صندوق النقد الدولي.
النقطة الثالثة : اعلان نصر الله البقاء داخل سوريا وهذا ايضا يتعارض ليس فقط مع صندوق النقد الدولي بل مع مجموعة الدول الداعمة للبنان.
هذه الحكومة التي جاء تكليفها على وقع الانتفاضة الشعبية التي بدأت في ١٧ تشرين الذين فقدوا ثقتهم بكل الطبقة السياسية باكملها، جاء المخرج من قبل حزب الله من خلال تشكيل حكومة “ماريونات” غير سياسية متنكرين بلباس الاختصاصيين الذي لا يعرفون من الاختصاص سوى الاسم، بكلام نصر الله ازيل هذا “المكياج” وكشف الوجه الحقيقي، فتحولت هذه الحكومة الى عامل ضرر اكثر من النفع، كون ان المجتمع العربي والدولي يعي تماما ان اي حوار او حديث مع هذه الحكومة هو حوار وحديث مع حزب الله.
الواقع يفرض العودة الى السياسة لان السياسيين تم انتخابهم من الشعب الذي يحق له مسألتهم، والسياسيين لديهم نظرة ابعد واوسع بكثير (اقتصادي اجتماعي خدماتي ...الخ)، والاختصاصيين دائما ارائهم مختلفة فيما بينهم.
الواقع يفرض العودة إلى السياسة لأن السياسيين تم انتخابهم من الشعب الذي يحق له مساءلتهم، والسياسيون لديهم نظرة أبعد وأوسع بكثير (اقتصادي اجتماعي خدماتي...)، و"الاختصاصيون" دارت بهم دوائر الحكم، حتى ضاعت آراؤهم فتخبّطوا وأفسدوا إدارة البلاد وزادوا في قهر العباد.. وتفرّقت آراؤهم فهم لا يحسنون قولاً..
الحلّ الوحيد الذي أصبح واضحا، هو إسقاط هذه الحكومة أو استقالتها، باعتباره المدخل لإنقاذ لبنان من أزمته التي تشتد يوماً بعد يوم، ولا بدّ للقوى السياسية أن تدرك حتمية الولوج إلى مرحلةٍ انتقالية يكون فيها مشروع الدولة محتّم التحقيق، بلا لفٍّ ولا دوران، وتتشكّل فيها حكومة سياسية مستقلّة تحكم لا حكومة مندوبين أو مبتدئين، لا يتقنون سوى التغريد بالجمل التي لا محلّ لها لا في الإعراب ولا في السياسة.