يطلق الخارج وبعض الداخل على الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ الإنسحاب السوري من لبنان بأنّها حكومات حزب الله سواء جاءت هذه الحكومات بواسطة التفاهمات القسرية أو طوعية كما هو الإتفاق الرباعي أو من خلال الغلبة التي يتمتع بها الحزب وحلفاؤه على الواقع اللبناني وهذا ما أدّى الى سيطرة كاملة لهذه الغلبة التي تتمتع بحيوية ناشطة وغير عادية اذ انّها متحمسة دوماً للحروب ومستعدة للذهاب بعيداً حيث يجب باعتبار أن الحزب ومن معه جزءًا من مشروع تقوده إيران في منطقة الشرق الأوسط.
وإن راوح حلفاء الحزب مواقعهم و كراسيهم ولا يذهبون للدفاع أو القتال معه هنا وهناك وهنالك إلاّ أنهم ملتزمون كامل الإلتزام بسياسات التأييد الأعمى له دون التفكير حتى بمضاعفات الدور الإيراني على لبنان واستجلابه للمزيد من الأعداء و الأزمات .
لم تكن تجارب الحكومات الممزقة بين 8 و 14 آذار تجارب جيدة بل كانت تجارب بشعة لجهتي الفساد والمحاصصة وهذا ما غلب على الحكومات طابع السرقة المسكوت عنها كونها متناصفة بين الأفرقاء وفي ظل التناصف الحكومي بين الجهتين لم تنتف صفة الحكومات الخاضعة لسيطرة حزب الله من قبل التوصيف الدقيق للجهات العربية والغربية وبالخصوص الولايات المتحدة الأميركية حتى أن فريق 14 آذار النصف الآخر من الحكومات كان يؤكد هذه الصفة الحكومية في كل مرحلة ولا يعيب نفسه بأنّه راض على مضض من أجل مصلح البلد وقد تبيّن للقاصي والداني أنّها لمصلحة السلطة ونهب المال العام .
من حكومة الميقاتي الى حكومة حسان دياب اعترف الحزب وحلفاؤه بأن الحكومة الأولى هي صرف لفريق 8 آذار بل كانت حكومة برتقالية بامتياز أي انها كانت حكومة اللون الواحد وبصفة فاقعة لسيطرة الحزب عليها كما أكّد الخارج و الداخل وجاءت الثانية أي حكومة دياب غبّ الطلب لا بالنسبة للحزب الذي خسر متراسه بخسارة موقفه من حكومة تكنوقراطية ومن ثم رضوخه لها وهذا ما جعل من تراجعه تواضعاً في السياسة التي ينتهجها بمنطق التفرد والقوّة بل بالنسبة للرئيس نبيه بري الأكثر عقلنة في إدارة السياسة وإن كانت تفضي لنفس النتائج إلاّ أنّه يستخدم سياستي العصا والجزرة كي يبدو مقنعاً أكثر من غيره ممن يستخدم فقط سياسة العصا .
وصفت حكومة دياب بأنّها حكومة حزب الله رغم أنها نتيجة أزمة الطبقة السياسية بكامل مكوناتها والتي حرصت كل الحرص على التخلص من ثورة الشارع التي طالت طوائفهم وفضحت مصالحهم لهذا ركض "خصوم" حزب الله للتبرع مجاناً كي يعطوا حكومة دياب الشرعية المطلوبة تحت عناوين وضرورة تافهة اعتدنا عليها منذ ثورة الأرز وكانت التيارات الثلاثة (المستقبل – التقدمي – القوّات ) حمير عربة حكومة دياب قبل أحصنة حزب الله .
اقرا ايضا ; العيد مزبلة السياسة
عاشت حكومة دياب أجمل أيامها مع شهور كورونا كونها السبب الرئيس لعدم محاسبتها بالمعنى العملي كونها حكومة غير فاعلة وغير منجزة لشيء بما يطال موضعات الأزمات الإقتصادية والسياسية واكتفت بمؤتمرات صحفية تحرك سواكن الحكومة في المفاصل الأساسية و زاد من خفّة الحكومة جنون الدولار والغلاء في ظل سياسة ترويض ممنهجة لتغطية عجز الحكومة والغير قادرة على كسب صديق واحد يسعف لبنان مما هو فيه اذ ان موتور بواسطتها لا يدور الا باتجاه سورية الأفقر من لبنان .
ثمّة شرح طويل في مسألة سيطرة حزب الله على الحكومات من الحريري الى حسان الدياب وهذا ما جعل الحكومات المتعاقبة حكومات الحزب وهذا ما جعل من الحزب حزب الحكومات لأنّه من المستحيل تشكيل حكومة دون موافقة الحزب عليها .