التحرير... خطبٌ وأناشيدٌ وإحياءٌ لذكرى أحباء دفعوا حياتهم ثمناً لانتزاع الأرض من براثن المحتلّ الصهيوني.
عقدان على تاريخٍ كان يفترض أن يَكتب فجراً جديداً للبنان فيحوّله من وطنٍ مستباح الى دولة منيعة. عقدان مرّت خلالهما أحداث جسام، وشهد لبنان فيهما انعتاقاً من الوصاية السورية وثورتين، فلا وصلنا الى المناعة الوطنية، ولا تمكنّا من بناء الدولة. على العكس، بدل الاستقرار صرنا على صفيحٍ ساخن دوماً، وبدل الازدهار وصلنا الى حضيضٍ اقتصاديّ ونقدي.
عنوانان لا ثالث لهما تسبّبا بما نعانيه: سلاحٌ خارج الدولة ومنظومةٌ سياسية فاسدة تغطّيه. وهكذا خسرنا عقب التحرير فرصة بناء دولة بجيشٍ واحد وسياسة دفاعية وخارجية لا يشارك حزبٌ أو محور في قرارهما، مثلما خسرنا إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب جيش الأسد فرصة أثمن، لتحقيق وحدةٍ وطنية جامعة قائمة على تطبيقٍ جديّ للطائف. فلا تحرير الأرض من نير الإسرائيليين وضعنا على سكّة بناء دولةٍ ووطن، ولا تجربة "الاحتلال الشقيق" دفعت "حزب الله" الى تقديم المصلحة الوطنية على مصالح ايران في الاقليم. أكثر من ذلك، أتاح الجبن في طرح جدي لـ"استراتيجية الدفاع" استعمال السلاح داخل البلاد وخارجها، وإثارة الانقسام المذهبي وتدمير علاقة اللبنانيين ببُعدهم العربي.
عشرون عاماً والدولة الموعودة معلّقة على حبل محور الممانعة وأنغام التجاذب الأميركي - الايراني. قَبلَها عُلّق لبنان- منذ اندلاع الحرب الأهلية الاقليمية فيه- على مشنقة شعار "تحرير فلسطين" والدور الاستراتيجي السوري وتجميعه الأوراق لمحاورة الأميركيين. فأين نحن من التضحيات الهائلة التي دفعها شعبنا منذ "حرب السنتين" مروراً بـ"الاجتياح الاسرائيلي" وصولاً الى "يوم المقاومة والتحرير"؟.
هل كنا على قدر المسؤولية تجاه شهدائنا ومستقبل بلدنا؟ أم صرفنا رصيد الدم المدفوع للذود عن وجودنا واسترجاع كرامتنا وتشييد وطنٍ جدي جدير بالحياة؟
الأرضُ تحرّرت... فمتى يأتي دور الدولة؟
نداء الوطن