65 إصابة كورونا اليوم في لبنان في أعلى نسبة إصابات تسجلها وزارة الصحة منذ شباط الماضي، هذا الخبر يمر مرور الكرام بالتزامن مع مستجدات الوضع السياسي والاقتصادي التي تفرض نفسها بقوة لا سيما مع السجال الحاصل بين مؤدي التيار الوطني الحر من جهة وحزب الله من جهة ثانية على خلفية المواقف الأخيرة للنائب زياد اسود من سلاح المقاومة.
تصريحات النائب أسود فتحت النقاش حول مصير تفاهم مار مخايل بين التيار الوطني وحزب الله، وفتحت السجال أيضا حول أن ما يحصل يأتي في سياق معركة رئاسة الجمهورية بين جبران باسيل وحزب الله.
حزب الله أبلغ جبران باسيل في السابق أن الوعد برئاسة الجمهورية كان للرئيس عون حصرا وهذا ما حصل وجاءت التسوية الأخيرة لتكرس وعود حزب الله للرئيس ميشال عون وينتهي الأمر، أما ما بعد ميشال عون فهو حديث آخر لا يخضع لأي تسويات في الوقت الراهن ولا التزامات مع أحد، وهذا الأمر فهمه جبران باسيل جيدا، لكنه السياسي المشاغب الذي يتقن اللعب على وتر المصالح الشخصية، ويتقن اللعب في البيوت الصغيرة ويفرض بين الحين والآخر سياسة الإبتزاز سواء للخصوم أو للحلفاء والأصدقاء وبالتالي عرف عن سيرته السياسية بقدرته على الإبتزاز السياسي وقفا لمصالحه الخاصة منذ ما بعد اتفاق معراب وحتى اليوم .
اليوم يعتبر جبران باسيل أن معركته الوحيدة خارج الحصص والمحاصصة هي معركة رئاسة الجمهورية وأفسح في المجال للنائب زياد أسود وعن قصد للبدء في عملية الإلتزاز العلني بعدما كانت داخل الغرف المغلقة حتى الأمس القريب.
اقرا ايضا : صندوق النقد يضحك علينا
حاول باسيل أن يقنع حزب الله أن يتم انتخابه رئيسا ومن خلال المجلس النيابي الحالي بعد تنحي الرئيس عون لأسباب صحية، وقد رفض حزب الله هذا الترتيب بشكل كامل وابلغه من جديد كما في السابق أن الإلتزام الرئاسي كان مع الرئيس عون كشخص وليس مع التيار وبالتالي فإنه من السابق لأوانه الحديث عن اعتباره مرشحا رئاسيا في الوقت الراهن.
هذا الأمر أخذه باسيل سببا للمواجهة في معركته الرئاسية وإنّ أهم وسيلة لدى باسيل في هذه المواجهة هي الإبتزاز بالسلاح وهو يعلم مدى أهمية ذلك بالنسبة لحزب الله.
وقد جاء كلام النائب زياد أسود كبداية وهو وإن كان في سياق التهرّب من المسؤوليات وتحميل الفشل للغير ففيه من الإبتزاز الكثير وفيه من الخيانة ما هو أكثر، بالرغم من أن كل مضامينه صحيحة، وهنا تكمن الحقيقة المرة التي يعلمها حزب الله كما غيره من الأفرقاء السياسيين في لبنان.
إن أي مشروع تحرّري ومقاوم يُقدّم نفسه نموذجاً للحكم ولا يتبنى إستراتيجية إقتصادية وإجتماعية فعّالة بديلة ومرموقة وواقعية وصلبة، هو مشروع فاشل وهو يُقدّم خدمات مجانية للعدو عن قصد أو عن غير قصد، وإن تجربتنا اليوم في لبنان حاضرة بقوة وتقول الشواهد الكثيرة أن الفساد المستشري والسكوت عنه والمشاركة فيه في أماكن أخرى قد أوصل البلد إلى ما نحن فيه وتاليا إلى صندوق النقد الدولي، صندوق النقد الذي يعتبره حزب الله نفسه وسيلة استعمارية لا يمكن الركون إليها .
وإن كل الفساد الذي نعانيه اليوم ومسبباته بالإنهيار الكبير لم يكن ليؤدي هذه النتائج الكارثية اليوم لو لم يكن حزب الله حاميا وراعيا لكل هذه الطبقة السياسية بما فيها العهد القوي وجبران باسيل شخصيا.
أما معادلة السلاح أو الجوع التي يذهب إليها اليوم النائب أسود ومن وراءه فهي الحقيقة التي يعلمها كل هؤلاء ويعلمها حزب الله تحديدا، وكذلك التيار الوطني الحر لكنهم وقعوا اليوم بشرّ النوايا وها نحن سندفع الثمن أكثر فأكثر.
إننا نعتبر أن الازمة باتت كبيرة جدا ولن يستطيع أحد أن يتحمل التبعات وأن الإنهيار القادم بات وشيكا وأن حزام الأمان الذي اتخذه حزب الله بتحالفاته لم يعد آمنا وأن التنصل اليوم من المسؤوليات يأتي من كل حدب وصوب وبالتالي المزيد من الضياع والإنهيار، فهل نحن أمام انقلاب يعيد إنتاج تركيبة جديدة؟
وأمام كل هذه الفوضى من حقنا أن نسأل، هل كانت الخيارات السياسية التي اتخذها حزب الله صحيحة سواء الخيارات الداخلية أم الخارجية ألسنا اليوم كلبنانيين ندفع ثمن هذه الخيارات بشقيها، تغطية السلاح، وتغطية الفساد والسكوت عنه؟
لم تنفعنا كل الإنتصارات في الخارج ولم تعد تنفع كل الوعد بالإنتصارات القادمة فيما نحن اليوم نفقد أدنى مقومات الصمود، ولم يعد لدى الشعب أي اهتمامات سوى تأمين الحد الأدنى من وسائل العيش بكرامة، الكرامة التي سحقت أمام المزيد من الفقر والقهر والحرمان .