تشكيلات قضائية تنام في أدراج مكتب "بروفيسيرة" في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف. سدود مائية مُتشقّقة من الجفاف، بحاجة لمن يرويها. لا كهرباء ولا ماء، بِطالة وفساد،إنهيار مالي واقتصادي، لا امتحانات للشهادة الثانوية العامة، القطاع التعليمي في حالة اضطرابٍ شديد، لا رواتب للأساتذة والموظفين، ولا قدرة للأهل على دفع الأقساط المدرسية، ممّا يُنبئ بهجرة جماعية للطلاب نحو المدرسة الرسمية المُكتظّة أصلاً، حكومة عجَزَة وفاشلين لا تقوى على وقف تهريب المواد الإستراتيجية المدعومة إلى سوريا، مصارف نُهبت ودائعها وموجوداتها، وآخر الغيث الأنباء المُقلقة عن احتمال إقفال الجامعة الأمريكية في بيروت.
وهذا إن حصل لا سمح الله، فيعني أنّ "التّصحُّر" في لبنان قد بلغ مداه، وأنّ لبنان " الكبير" الذي وسّع الانتداب الفرنسي كيانه وأرسى نظامه، باقتصاده الليبرالي الحرّ، ومصارفه الآمنة بالسّرية المصرفية، والصيغة البرلمانية المرنة، والمنظومات الحقوقية والتعليمية الرائدة، والمراكز الإستشفائية الناجحة، لبنان الإشعاع والنور والحضارة والثقافة والطباعة والنشر والتوزيع والصحافة الحُرّة، هذا "اللّبنان" يبدو أنّه يحتضر، بانتظار ترتيب مراسم دفنه على يد صاحب العهد القوي الجالس في بعبدا، وولي عهده الموجود في "ميرنا الشالوحي"، مع بركات وإسناد القابع في قصر عين التينة منذ ربع قرنٍ من الزمن، والفضل الأكبر لسلاح "المقاومة" التي لا تراعي في حساباتها، سوى مصالح وليّ أمر المسلمين في إيران.