في الآونة الأخيرة أعلنت عدة دول بينها الولايات المتحدة تسجيل إصابات بمرض غامض يصيب القلب في صفوف الأطفال، ويرجح ارتباطه بفيروس كورونا المستجد.
ويحير المرض الجديد الأطباء خاصة أن الصغار نادرا ما يصابون بأشكال خطيرة من كوفيد-19، كما يثير قلقهم لأنه يظهر على ما يبدو بعد أسابيع من موجة عدوى في مجتمعاتهم.
جولييت دالي طفلة من مدينة كوفينغتون بولاية لويزيانا الأميركية، واحدة من أولئك الأطفال.
كانت بداية اليوم الذي توقف فيه قلبها عن الخفقان عادية كغيره من أيام الحجر الذاتي الذي تخضع له عائلات حول العالم.
فقد استيقظت جولييت ذات الـ12 ربيعا، في الساعة السابعة صباح الاثنين 11 نيسان وتناولت وجبة إفطارها، ثم التحقت برفاقها في الصف السادس عبر زوم.
لكن الطفلة كما أوضحت والدتها جنيفر لصحيفة واشنطن بوست عانت خلال عطلة نهاية الأسبوع من آلام في البطن وقيء وحمى لكن بدا أنها كانت تتحسن.
ابنة الـ 12 عاماً "ماتت لدقيقتَيْن" أثناء محاربتها لـ"كورونا"!
الأطباء أكدوا ان ابن الـ 34 سيعيش يوما واحدا.. لكنه خرج منتصرا على قدميه
وتتذكر جولييت أن شفتيها كان لونهما في ذلك اليوم، يميل إلى الزرقة بينما كانت تشعر بتعب شديد لدرجة أنها تغفو بشكل غير متوقع على الأريكة، أمام جهاز الكمبيوتر وفي الحمام.
وقالت "ظننت أنني كنت أشعر بتحسن لكنني لم أكن قادرة على إبقاء عيني مفتوحتين".
الأبوان جنيفر وشون، من جانبهما كانا يراقبان تطور حالة ابنتهما عن كثب. ولاحظا أنها لم تكن تسعل أو تعاني من صعوبة في التنفس أو أي من الأعراض المعروف اقترانها بكورونا، فظنت الأم وهي أخصائية أشعة، أن ابنتها ربما تعاني من فيروس معوي أو التهاب الزائدة أو حتى الإنفلونزا.
بعد ظهر الاثنين، نقل الأب جولييت إلى قسم الطوارئ حيث لاحظ الأطباء مجموعة غير عادية من الأعراض التي تشير إلى مشكلة أخرى بعيدة عما ظنته الأم.
فقد كانت ضربات قلب جولييت منخفضة لدرجة غير عادية إذ لم تتجاوز ما بين 40 و49 خفة في الدقيقة، بينما يتراوح المعدل الطبيعي بين 70 إلى 120 نبضة في الدقيقة.
وعندما ضغط الأطباء على أظافرها، تغير لونها إلى الأبيض وظلت كذلك في حين كان ينبغي أن تسترجع لونها الوردي.
في المستشفى، أبلغ الأب بأن صغيرته ستحقن بالإبينفرين (أدرينالين) الذي يستخدم من أجل تنبيه وتحفيز عمل القلب وتوسيع المسالك التنفسية، وأنها ستحول إلى مستشفى أكبر حيث المعدات والخبرات أوفر، ثم أبلغوه أنهم سيربطونها بجهاز تفس اصطناعي حتى يكون وضعها مستقرا خلال الرحلة إلى مركز أوشنر الطبي في نيوأورلينز على بعد حوالي 50 ميلا.
أصيب الأب بالصدمة إذ أن ابنته التي مشت على قدميها قبل وقت قصير إلى قسم الطوارئ، تحتاج الآن إلى جهاز تنفس. ثم سمع نداء عبر الميكروفون يردد "كود بلو" أي الرمز الأزرق وتساءل عن سبب تسابق الكثيرين إلى غرفة ابنته.
عندما خرجت الطبيبة المشرفة عليها من الغرفة وهي ترتجف كما يتذكر شون، أبلغته بأن قلب جولييت توقف وأن عملية الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) استغرقت دقيقتين قبل أن تتجاوب الطفلة معها. وقالت له إن جولييت "عادت".
لكن قلب الطفلة توقف مرة أخرى ما استدعى تكرار عملية الإنعاش وتأخر نقلها إلى مستشفى نيو أورلينز، حيث توجهت الأم بسيارتها. ونجح الأطباء مرة أخرى في إعادة تحفيز قلب جولييت على العمل.
وعندما وصلت إلى قسم الرعاية المركزة الخاص بالأطفال في المستشفى الثاني، بدأت بعض أعضائها تفشل بسبب عدم وصول الأكسجين إليها في ظل فشل القلب، على الأرجح.
وكانت الكلى والكبد في حالة صدمة وهي حالة تحدث في أعقاب انخفاض تزويد الدم وتراجع كمية الأكسجين المتدفقة إلى الأنسجة، فيما كان هناك دم في رئتيها إلى جانب التهاب في البنكرياس.
فريق من أطباء الأطفال المتخصصين في أمراض القلب، أبلغوا الأم بأن حالة طفلتها يطلق عليها اسم التهاب حاد وخاطف لعضلة القلب أي ظهور مفاجئ وخطير لفشل في القلب، صدمة أو اضطراب في نبضات القلب مهدد للحياة.
وبدأ بعد ذلك الأطباء خطة العلاج المكثفة لجولييت وجهزوا الأم إلى احتمال حاجة ابنتها إلى زراعة قلب.
في الوقت ذاته، عادت نتائج اختبار كورونا وثبتت إصابة الطفلة بكوفيد-19.
أول ليلة في المستشفى كانت كابوسا، كما تصفها الأم. فقد كان قلب جولييت يتوقف ثم يعود للعمل، يخفق بسرعة عالية ثم تتراجع دقاته بشكل كبير، بينما يعدل الفريق الطبي جرعات الأدوية للسيطرة عليه.
وبعد 24 ساعة، بدأ وضع جولييت يستقر وفي اليوم الرابع سمح لها بالتخلص من جهاز التنفس. وبعد تسعة أيام تمكنت أخيرا من مغادرة المستشفى في 15 نيسان.
وقالت أخصائية الأمراض المعدية في مستشفى تشيلدرنز ناشيونال في واشنطن للصحيفة "رأينا حالات لدى أطفال بشكل مطرد لشهرين"، لكن المرض الجديد مختلف مشيرة إلى أن "حقيقة أنه يحدث بعد شهرين على الظهور الأولي للفيروس في محيطهم ومجتمعاتهم يعطي أهمية لفكرة أنها ظاهرة مرتبطة بالمناعة".
أخصائية طب الأطفال في مستشفى روبرت وود جونسون الجامعي في نيوجيرسي، جنيفر أونزبي، قالت إن أول أطفال مصابين بكورونا الذين عاينتهم كانوا يعانون من الأعراض التنفسية المعروف ارتباطها بالمرض مثل ضيق التنفس، لكن الآن "الغالبية العظمى لمن يتوجهون إلى المستشفى يعانون من أعراض فشل القلب وهو أمر نادر لدى الأطفال وخصوصا الأطفال العاديون ومن هم في صحة جيدة، ولهذا السبب فإن الأمر مقلق للغاية".