لا صوت يعلو على صوت التذمّر من الواقع الذي وصلنا إليه، والأوضاع المعيشية الصعبة تدقّ أبواب الناس وتعيش داخل منازلهم من دون رحمة، فيما يُسيطر الفقر على حال البقاعيين، حتى أصبح صفةً ملازمة لكثيرين من أبناء بعلبك الهرمل، الذين ضاقت بهم سبل العيش وتوقّفت أعمالهم، جراء الأزمات التي تسقط على رؤوسهم ورؤوس اللبنانيين كزخّات المطر.
لليوم الرابع على التوالي، التزمت بعلبك بالإقفال التامّ منذ مساء الأربعاء، وأقفلت المحال التجارية والسوق، وعيد الفطر يُطلّ بعد أيام، حيث ينتظره التجّار لتعويض بعض من خسائر الأزمة التي يعيشونها منذ أكثر من سنة، وجاءت أزمة "كورونا" لتزيد في معاناتهم، وأقفلوا قسراً محالهم التي يدفعون بدلات إيجارها من اللحم الحي، فيما رهن العديد منهم بعضها، إذا كان يملكها أو استدان مبالغ مالية بفائدة مرتفعة لشراء بضائع ولكي يبقى واقفاً على قدميه، مُعوّلاً على تحسّن حركة السوق وقدرة الناس الشرائية التي انعدمت منذ اشهر، لكي يردّ المبلغ المستدان، فيما يدفع فوائده كل شهر.
قلبت جائحة "كورونا" وما قبلها مروراً بثورة السابع عشر من تشرين، موازين الحياة اليومية عند الناس جميعاً، وبدأوا يعتادون على نمط حياةٍ مختلفاً عمّا عاشوه، وتخلّوا عن حياة البزخ والترف تحسباً للأيام القادمة. وفيما إعتاد ع. خ، وهو موظف في إحدى الدوائر الرسمية، على شراء اللحوم بكمّيات عالية كل شهر، حيث لا تخلو سفرته يومياً، وفق ما يقول لـ "نداء الوطن" من طبق اللحمة الرئيسي، تقتصر كميات الشراء لديه منذ شهرين على كيلو كل أسبوعين، ويقول: "الوضع الذي وصلنا إليه والغلاء الفاحش جعلانا نُعيد ترتيب أولوياتنا وشراء الأساسيات، وكل ما يمكن أن نستغني عنه ونستبدله بمكوّن آخر فعلناه، فلا نريد ان نصل إلى وقت لا نستطيع فيه شراء الخبز، وأنا لم أعتد على زراعة الأرض، ولكن هذا العام إستثمرت ما لديّ من أرض "بور" أمام المنزل، وزرعتها على قدر حاجة عائلتي ومن الأصناف التي نحتاجها بشكل دائم".
وفيما يشكو المواطنون من انعدام قدرتهم الشرائية نتيجة البطالة وتوقّف أعمالهم وإرتفاع الأسعار، يُطلق اصحاب المحال في السوق التجارية في مدينة بعلبك، صرخة وجع من الأوضاع التي وصلوا إليها، فمحالهم مُقفلة منذ إعلان قرار التعبئة العامة، والخسائر تُلاحقهم وتزيد من أعبائهم. وفي هذا الإطار، يقول هادي رعد، وهو صاحب أحد محال الألبسة وسط السوق، لـ "نداء الوطن" إن التجّار يعيشون الأزمة منذ ما قبل ثورة تشرين، وجاءت أزمة "كورونا" وما رافقها من تلاعب بسعر صرف الدولار، ما أدى إلى خراب بيوت التجّار جميعاً، ولم يعد لدينا أي أمل، فمصالحنا تدمّرت وانتهت، حتى إذا خرجنا من الأزمة الصحية وعادت الحياة إلى طبيعتها، فالمشكلة الرئيسية هي سعر صرف الدولار. ومن خلال حسابات بسيطة، يتبيّن بأن الأسعار زادت ثلاثة أضعاف ولا قدرة للناس على الشراء، وعلينا إلتزامات أجرة عمال ومحال وإشتراكات كهرباء وكلها تعتمد على المبيع. واضاف: "نعول دائماً على موسم الأعياد للتعويض لكنّنا اليوم مجبرين على الإقفال، إضافةً إلى عدم قدرتنا على شراء بضائع نتيجة عدم توفر الدولار في السوق، وفي حال نشطت حركة المبيع نوعاً ما، فهي ستكون بخسارة لأن رأسمالنا ذهب "فرق عملة" نتيجة سعر صرف الدولار".
ميدانياً، وبعد تسجيل إصابات في بلدة مجدلون وبدنايل وكفردبش، واصلت وزارة الصحة إجراء الفحوصات لأهالي المنطقة وعدد من المناطق في دير الأحمر وبعلبك ومخيم الجليل للاجئين الفلسطينيين. وأكدت رئيسة قسم مختبر مستشفى بعلبك الحكومي الدكتورة نجوى ياغي، أن الفحوصات التي أجريت في مختبر المستشفى وشملت 83 عيّنة، ضمن حملة وزارة الصحة العامة في بلدة بدنايل، و3 عينات مختلفة، أتت كلها سلبية، فيما سُجّلت امس نتيجة إيجابية واحدة في مخيم الجليل، ضمن الحالات التي كانت في الحجر الصحي في مدرسة الأونروا.
نداء الوطن