يدأب أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني السيد حنا غريب، منذ توليه قيادة الحزب، على مهاجمة الامبريالية الأميركية، باعتبارها المسؤول الأول والأخير عن معظم المصائب التي تمر بها البلاد هذه الأيام، مصائب الفساد والأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية والمعيشية، صحيح أنّ في الامبريالية الأميركية ألف علّة وعلّة، إلاّ أنّ الواضح أنّها بريئة من جرائم الطبقة السياسية الفاسدة بحقّ اللبنانيين، براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
فالامبريالية الأمريكية لم تغمس يدها في تركيب هذه الطبقة السياسية، وليست مسؤولة عن المديونية العامة المُرعبة، والتي ترقى إلى أيام الوصاية السورية على لبنان، وتفاقمت بعد ذلك في عهد الوصاية الإيرانية التي تمدّدت في البلد، منذ عقدٍ ونصف من الزمن وما زالت سارية حتى الآن.
اقرا ايضا : حكومة دياب..اطلبوا المال ولو في الصّين
وهي بالطبع، ليست مسؤولة عن السلاح غير الشرعي، والذي بات مُساهماً فاعلاً في أحداث المنطقة العربية والخليج العربي، ممّا فاقم العزلة العربية على لبنان، وسدّ منافذ المساهمات الخليجية التي كانت على الدوام صمّام أمان لأزمات البلد المتفاقمة وحروبه المتنقلة، ومع ذلك فإنّ السيد حنا غريب يواصل التركيز على معزوفة التّدخّل الأميركي في الشؤون الداخلية اللبنانية، مع عدم إغفال الاتهامات المكرّرة والمُبتذلة عن دور "الاوليغارشية" في الأزمة المالية والاقتصادية الحرجة، وهو تعبيرٌ غامض يتّهم الجميع بتفاقم هذه الأزمة، ويُبرّئ الجميع في نفس الوقت، فضلاً عن تركيز الحزب الشيوعي على دور مصرف لبنان المركزي " التّخريبي" ومعه النظام المصرفي برُمّته، وهذا يتوافق بالضبط مع توجهات حزب الله في ضرب القطاع المصرفي، الذي كان قد بدأ يستجيب للضغوطات الدولية على الحزب باعتباره مسؤولاً عن معظم فصول هذه الأزمة.
في العمل التلفزيوني الدرامي للكاتب الدكتور ممدوح حمادة (الخربة)، يجهد المؤلف لإظهار قيادات الحزب الشيوعي "المُتخيّل" أنّهم باتوا خارج الزمان والمكان، وللأسف الشديد، هذا ما هو عليه أحوال قادة الحزب الشيوعي اللبناني في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، بعد انكفاء أقرانهم في منظمة العمل الشيوعي إلى حيث " مكانكِ تُحمدي أو تستريحي".