الأول من أيار كمناسبة خاصة بالعمال في العالم تتم خلالها الاحتفالات كأعياد وطنية وكمناسبة لتحصين حقوق العمال وتفعيل الإهتمام بمعالجة قضاياهم كفئة كادحة ومجاهدة تعتبر ركيزة أساسية من ركائز الإقتصاد العالمي وعليها تبني الدول الشركات آمالا كبيرة .
في لبنان هذا العام كما قبله تصيب هذه المناسبة العمال بالمزيد من الرصاص والشظايا الموجهة مباشرة على صدورهم وباتت تهددهم بالموت في ظل الأزمات الإقتصادية والمالية المتلاحقة وبغياب كامل لمراعاة أبسط حقوق العمال والموظفين سواء في القطاع الرسمي أم بالقطاعات الأخرى .
لقد بات الحديث عن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان كل يوم في شأن جديد مع المزيد من التراكمات والأزمات الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بشكل غير مسبوق مع توقف الكثير من الشركات عن العمل ومع انعدام أي فرص أخرى في ظل التردي الاقتصادي المستمر.
ولعلها المرة الأولى في تاريخ لبنان أن نشهد هذا الإنهيار، الأمر الذي ينذر بانفجارات اجتماعية ومعيشية على كل صعيد، ذلك أن الواقع المأزوم سيستمر مع انعدام أي فرص جدية للحل الجذري، ومع تقاذف المسؤوليات والإتهامات بين هذا العهد وغيره وبين هذه الحكومة وغيرها من الحكومات السابقة، وعلى هذه الحال سيبقى الوضع الإقتصادي من سيء إلى أسوأ وسيبقى العامل ضحية هذه الصراعات وما سبقها من محاولات النهب والسرقة التي تعرضت لها أموال اللبنانيين وخزينة الدولة ومؤسساتها.
اقرا ايضا : عودة الثورة؟!!
العامل اللبناني اليوم ضحية السلطة وفسادها، ضحية السياسات المالية منذ عقود، هذه السياسات التي ضيعت حقوق اللبنانيين جميعهم بما فيهم العامل وبات الجميع ضحايا في بازار النهب الممنهج والسرقات الموصوفة.
إننا كلبنانيين أمام أزمة حقيقية بات الهروب منها قلة أخلاق، وبات تقاذف المسؤوليات عنها أقل ما يقال فيه أنه اعتداء سافر على الدولة والمواطن وأمنه الاجتماعي والمعيشي.
من الحريري الأب إلى الحريري الإبن وحكوماته، من الحكومات السابقة إلى الحكومة الأخيرة، ومن العهود السابقة إلى العهد الحالي، إلى كل التركيبة السياسية بزعمائها وأحزابها، ليس ثمة بريء، ولا يستطيع أحد أن يتنصل من ماضيه ومن سياساته ومن هندساته المالية والاقتصادية، الجميع مسؤولون عن هذا الإنهيار البشع ببشاعة ووجوهم وقلوبهم.
لا يستطيع الحريري اليوم أن يكون "سبع البرمبة" وأن يتنصل بعنتريات وتصريحات، لا بلسانه ولا بلسان وزرائه وحواشيه، وهو المسؤول عن حقبة طويلة من النهب والسرقة وهندسة السياسات الاقتصادية، ولا يستطيع العهد أن يتنصل وهو الخارج عن خطاب القسم بالمحاسبة والمراقبة وحفظ الدولة وصون مؤسساتها، ولا يستطيع الرئيس الحالي أن يستمر في المجاملة والمحاباة وهو الذي يتصدى اليوم لهذه الأزمة الخانقة، كما لا تنفع الخطط كل الخطط ما لم تكن بمستوى الأزمة المتراكمة منذ ثلاثين عاما وما لم تراع استعادة المال المنهوب ومحاسبة المسؤولين والمتورطين.
في عيد العمال اليوم ما زال العمال اللبنانيون ضحايا في ظل هذا النهج القائم على النهب والسرقة والمحاصصة ولا يمكن النهوض منه إلا بالعودة الى دولة العدل والمؤسسات وهذا ما نحتاجه اليوم، إننا نحتاج الى استعادة الدولة ومؤسساتها من براثن اللصوص وحوايشهم وشركاتهم وأحزابهم والرهان كل الرهان على وعي الثورة وحسن إدارتها والرهان على ثورة وطنية واحدة موحدة ثورة واعية تعرف ماذا تريد وماذا يمكنها أن تفعل.