اوكرانيا الجمهورية السوفياتية السابقة حيث كانت مقصدا للطلاب العرب عموما واللبنانيين خصوصا ، تحملت عبء كبير طوال فترة وجودها ضمن الاتحاد السوفياتي وكان نصيبها الاكبر من بين الجهوريات الخمس عشرة التي تخرج من جامعاتها حوالي اكثر من ثلثي الطلاب حيث تم بناء جاليات كبيرة فيها عاشت وتعلمت ومارست التجارة وجنت الاموال .
نتيجة الاختلاط بين الشعوب كافة والشعب الاوكراني تكونت ثقافة جديدة لأجيال جديدة حملت في طياتها ثقافة جديدة ممزوجة بثقافة اخرى تم اكتسابها نتيجة الاختلاط والتنوع بين الشعب الاوكراني والشعوب الاخرى .
بالرغم من انفصال اوكرانيا عن المنظومة السوفياتية بقيت ابواب الجمهورية مفتوحة وقلوب اهلها مفتوحة للقاصدين والقاطنين فيها ، فالتعليم للأجانب لم ينكفئ حيث بقيت الجمهورية مقصدا للجميع ،حيث باتت شهادتها منتشرة في كافة دول العالم وقد حقق الخريجون المراكز المميزة في دولهم ومؤسساتهم الوطنية ، وبالرغم من الحرب الذي شنتها روسيا ضد اوكرانيا واحتلال شرقها وقضم جزيرة قرمها ، بقيت اوكرانيا مقصداً للعلم والاستجمام والاستقرار فيها من قبل هذه الجاليات المكونة حديثا.
فاذا كانت هذه الدولة تحضن الطلاب اللبنانيين على ارضها ، فالدولة اللبنانية هي الغائبة والسفارة غير قادرة على تامين رعاياها .
اذن صرخة لبنانية من داخل دولة اوكرانيا تناشد الدولة بنجدتهم بعد ان فرضت عليهم الكورونا حجرا قسريا في بيوتهم ومنازلهم ، فالجائحة قوضت عملهم مما ساهم برفع مستوى المشاكل لكل الطلاب الذين يعيشون هناك كما حل بالجالية اللبنانية والعربية الاخرى حيث بات المرض يتساوى بقوانينه ونظامه على الجميع من القاطنين على ارض اوكرانيا.
لكن مشكلة الطلاب اللبنانيين زادت الطين بلة بسبب الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان وحرمانهم من الحصول على اموال ترسل لهم من اهلهم .
فالبنوك مقفلة والتحويل ممنوع ،والبنوك تأسر اموال الاهالي ، وتعطي مصاريف اسبوعية للأهالي لا يمكن تامين اي اموال من السوق السوداء للأولاد.
فالطلاب اللبنانيين المنتشرين في كافة المدن الأوكرانية يناشدون الدولة بالسماح لهم بالعودة الى ارض الوطن وهم يرسلون النداءات تلو النداءات عبر البرامج التلفزيونية وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والاقارب والسفارة اللبنانية في مدينة كييف لكن حتى الان لا حياة لن تنادي.
يتوزع الطلاب في العاصمة كييف والمدينة الثانية " خاركوف"، وباقي المدن الاخرى في الغرب والجنوب حيث يعيش اكثر من 1500 طالب في المدن الاوكرانية وربما تصل أعداد الطلاب في العاصمة الى 550 طالب .
وتصل الجالية اللبنانية في المدن بحدود 3000 مواطن لبناني ولكن المشكلة بان العدد الرسمي لا احد يعرف بالضبط لان الجالية اللبنانية تختلف عن كل الجاليات العربية والاجنبية ولا احد يعرف عددها ولا السفارة اللبنانية حيث تغيب سجلات المواطنين نتيجة عدم الاهتمام من الدولة بمواطنيها وبأولادها في الخارج ومن ناحية هو الخلاف السياسي بين اللبنانيين وتعزيز فكرة الانقسام مما يضعف قدرة الجالية ويصعب تحديد اعدادها.
لكن مع تطور الوضع الصحي في اوكرانيا التي تتخوف من انتشار الوباء في وسط الجماهير الفقيرة مما تعرض الدولة لازمة صحية نتيجة الفقر والتردي في القطاع الصحي الاوكراني نتيجة المستوى الاقتصادي المنهار وغياب الكفاءة الصحية والاستشفائية مما عزز لدى الجاليات الاجنبية فكرة المغادرة الى ديار الاهل والاجداد.
لكن مشكلة اللبنانيين باتت تأخذ طابعا اخر نتيجة تدهور الحالة الاقتصادية للطلاب وغياب الاهتمام من قبل الدولة بطلابها كانت الحركة الطلابية تحاول تقديم اقتراحات تسمح بعودة الطلاب لكن الدولة مسرة على ان عودة الطلاب عن طريق اتفاق في مجلس الوزراء يسمح بعودة متوازية لهؤلاء المتشردون في فنادق وشقق وسكن طلاب لم يعد بإمكانهم دفع الفواتير المترتبة عليهم .
فالدولة تصر بانها فقط تعمل على ايجاد حل عن طريق ارسال طائرات لبنانية تامين عودتهم بعد التوافق مع الادارة الاوكرانية تسمح بذلك بحسب الترتيبات الصحية اللبنانية من خلال اعداد متفق عليها مزودة هذه الطائرات بفريق صحي وطبعا وفقا لأسعار عالية حيث وصل سعر التذكرة الواحدة من 1800 -2000 دولار ، وهذه الاسعار لا يمكن لطالب او للأهالي دفعها بظل الارتفاع الجنوني لأسعار الدولار وأيضا لغيابه من السوق اللبناني .
ازمة الطلاب انسانية اخلاقية بحد ذاتها لجهة البقاء والاستمرار بالعيش بسلامة بظل غياب المال وانتشار الوباء وخاصة بانه تم الاعلان في الاعلام عن سكن طلابي للأجانب اكتشف فيه حالات ايجابية لفحص الكورونا وتم الحجر على الاخرين ومن هؤلاء طلاب عرب .
فأوكرانيا امام حالة خطرة قد تتعرض لها بسبب الوباء ، ونتمنى لأوكرانيا واهلها الخروج من هذه الازمة الصحية لكن حياة الطلاب ستكون في خطر بحال لم يتم تدارك الازمة الصحية والمالية بسرعة من قبل السلطة الحاكمة في تامين هذه الاعداد الذي بات مصيرها مهدد بسبب الخوف من الوباء والجوع والعوز حيث بات امل كل اللبنانيين في العاصمة الاوكرانية مغادرة بيروت (مطعم بيروت ) حيث يتجمع اللبنانيين لتناول المأكل اللبنانية ، بعد ان حرموا من دخولها بسبب عدم توافر المال وباتوا ينتظرون العودة الى مطار بيروت .
وبالرغم من تكفل الجالية اللبنانية بالتوافق مع الدولة الاوكرانية من تامين طائرات تساعد بنقل هؤلاء الطلاب الى لبنان لكن الدولة لم تقبل بهذا العرض وهي لم تعلن عن رزنامة واضحة لنقل هؤلاء الطلاب وغيرهم من المنتشرون في دول عديدة.
طبعا المشكلة هي في عملية الاستغلال السياسي لهذه المشاكل الانسانية التي يتعرض فيها طلابنا لأقسى ظروف في هذه الالفية.
فهل الخلافات السياسية اللبنانية ستخيب امل الطلاب القابعون في هذه الجمهورية الجميلة والفقيرة وتحرمهم من العودة الى بلادهم والى اهلهم، فيبقى المصير مجهول وبيروت لا تزال الهدف امامهم .
خالد ممدوح العزي