تحت ضغط جائحة كورونا وبعد أزمة سياسية طويلة الأمد شهدتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، توصل رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم تكتل اليمين، بنيامين نتنياهو، ورئيس الكنيست وحزب "أزرق أبيض"، بيني غانتس، مساء أمس إلى اتفاق وقّعا عليه، لتشكيل حكومة وحدة بينهما، سميت "حكومة طوارئ قومية" على أن تدوم لـ3 سنوات. وستكون هذه الحكومة برأسين، رئيس حكومة ورئيس حكومة بديل، بحيث يبدأ بها نتنياهو ويحل محله غانتس بعد سنة ونصف السنة.
وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بضمان أحزاب الحريديم "شاس" و"يهدوت هتوارة" على إقامة مجلس وزاري مصغر يتألف من 36 حقيبة وزارية لمواجهة تحديات كورونا برئاسة مشتركة لنتنياهو وغانتس، وبمشاركة الوزراء ذوي الصلة بالموضوع. وستكون هذه أضخم حكومة في تاريخ دولة الاحتلال؛ إذ ستبدأ بـ32 وزيراً و16 نائب وزير، وستصل إلى 36 وزيراً لاحقاً. وستكون مدة هذه الحكومة 3 سنوات، نصفها الأقل برئاسة نتنياهو، نصفها الآخر برئاسة غانتس. ويكون فيها رئيس حكومة وبديل عن رئيس حكومة. وقد اختيرت هذه الصيغة بغرض الالتفاف على المحكمة العليا، ومنعها من التدخل لمنع نتنياهو من الاستمرار في الحكومة في النصف الآخر من دورتها. واتفق نتنياهو وغانتس على أن يمددا فترة الحكومة من 3 سنوات إلى 4.5 سنة، في حال نجحت التجربة. لكن في حال فشلت التجربة بسبب عدم التفاهم أو بسبب تدخل المحكمة العليا، فسيفرط الاتفاق ويتم حل الكنيست والتوجه لانتخابات جديدة.
وبموجب ائتلاف حكومة الطوارئ ستتوزع المهام والعضوية بالتساوي بين الليكود وحزب "أزرق أبيض" في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وفي المجلس الوزاري المصغر للقضايا الاجتماعية والاقتصادية.
وتم التوصل من خلال حكومة الإنقاذ الوطني -التي ستواجه تداعيات أزمة كورونا على البلاد- إلى تفاهمات بين الليكود وحزب "أزرق أبيض" على فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وجميع المستوطنات، وكذلك عدم إجراء أي تعديل على "قانون القومية" الذي يعرف إسرائيل على أنها الوطن القومي للشعب اليهودي حول العالم.
وأفادت المراسلة السياسية للقناة 12 الإسرائيلية دافنى ليئيل أنه بموجب تفاهمات الائتلاف الحكومي سيجري البدء بإجراءات وتشريعات الضم في مطلع تموز المقبل، دون الكشف عن الموقف من قضية مطلب تحالف أحزاب اليمين ضم الأغوار ومنطقة البحر الميت، على أن يسمح لرئيس الوزراء بطرح الخطة الأميركية للسلام على الهيئة العامة للكنيست للتصويت. وأشارت المراسلة السياسية إلى أن تفاهمات نتنياهو وغانتس بخصوص الضم وفرض السيادة تتناغم مع خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط، وهي الخطة المعرفة إعلاميا بـ"صفقة القرن" وتهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ومع الإعلان عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني لمدة ستة أشهر تخصص لمعالجة تأثيرات كورونا على الاقتصاد الإسرائيلي، فإن جميع مقترحات القوانين التي ستقدم ستكون بالتوافق بين الليكود و"أزرق أبيض"، مما يعني عدم تقديم مشروع قانون يمنع المتهم بالفساد من تشكيل الحكومة، علما أن نتنياهو سيخضع في 24 أيار المقبل لأولى جلسات محاكمته بالفساد.
كما سيحظر على الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي والداعمة لحكومة الطوارئ، تقديم مشاريع قوانين لا تتعلق بمعالجة تداعيات كورونا، وفي الوقت نفسه، سيشكل فريق تفاوضي مشترك لمناقشة الخطوط الأساسية لحكومة الوحدة التي سيجري تشكيلها بعد انتهاء أزمة كورونا، بحسب ما أفادت المراسلة السياسية لصحيفة "يسرائيل هيوم".
حقائب ومناصب
وذكرت صحيفة "هارتس" أن حقيبة القضاء التي كانت أساس خلافات تشكيل الحكومة، سيعهد بها إلى عضو الكنيست عن "أزرق-أبيض"، آفي بيسنكورن، مع إعطاء نتنياهو حق الفيتو والتحفظ على تعيين القضاة والمستشار القضائي للحكومة والنائب العام، في حين سيعين الجنرال غابي أشكنازي وزيرا للخارجية، على أن يبقى الحاخام يعقوب ليتسمان في منصبه وزيرا للصحة.
وأفاد المراسل البرلماني للصحيفة، يهونتان ليس، أن الاتفاق الائتلافي يضمن لحزب "أزرق أبيض" رئاسة عدد من اللجان البرلمانية وأبرزها رئاسة لجنة الخارجية والأمن، وفي المقابل ينص الاتفاق على منح الليكود رئاسة لجنتي الدستور والمالية والاقتصاد.
ولفت المراسل البرلماني أنه خلال فترة ولاية نتنياهو سيمنح غانتس منصب "رئيس الحكومة البديل"، بحيث لا يحق لنتنياهو عزله من هذا المنصب، وسيتبادلان هذا اللقب بعد إتمام التناوب بينهما بعد عام ونصف، ليحافظ نتنياهو على منصب "رئيس الحكومة البديل" حتى بعد انتهاء مهامه في رئاسة الوزراء.
واستعرضت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" توزيع الحقائب الوزارية بحسب الاتفاق على النحو التالي: وزارة المالية ليسرائيل كاتس، الأمن الداخلي لميري ريغيف، وزارة المواصلات ورئاسة الكنيست لحزب الليكود، بينما وزارات الدفاع والخارجية والقضاء والهجرة والاستيعاب والثقافة لحزب "أزرق أبيض".
بينما سيعين من حزب العمل عمير بيرتس وزيرا للاقتصاد، وإيتسك شمولي وزيرا للرفاه الاجتماعي، وسيبقى الحاخام أريه درعي من "شاس" وزيرا للداخلية، ووزارة التربية والتعليم لتحالف أحزاب اليمين (يمينا) في حال انضم للحكومة، ووزارة الاتصالات لكتلة "مناعة لإسرائيل" برئاسة يوعاز هندل.
وتعقيباً على الإعلان عن تشكيل الحكومة، قال رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، إن ما وصفها بـ"حكومة الاستسلام" التي تجمع غانتس ونتنياهو، تعد بمثابة صفعة لأغلبية المواطنين الذين خرجوا مرة تلو الأخرى إلى صناديق الاقتراع لتنحية نتنياهو. وأضاف، أن غانتس لم يتسم بالجرأة اللازمة لتحقيق الانتصار واختار بدلاً من ذلك اضفاء صبغة الشرعية على ضم الأراضي والعنصرية والفساد. وقال رفيق غانتس السابق في "كحول لفان"، يائير لبيد "نتنياهو أصبح اليوم ليس فقط متهماً بالفساد، بل مسؤولاً عن القضاة الذين يحاربون الفساد. لا يوجد أمر عبثي أكثر من هذا". وقال زميله عوفر شلح "هذا يوم أسود في تاريخ إسرائيل. فالجنرال غانتس رضخ أمام الفاسد نتنياهو".
وسيكون هذا الاتفاق بداية لمسار طويل يتوقع أن يستغرق أسبوعين إضافيين حتى يتم تشكيل الحكومة رسمياً. ففي البداية، يجب التوجه إلى رئيس الدولة وتسليمه قائمة بأسماء أكثر من 61 نائباً يؤيدون تشكيل هذه الحكومة. وبعدها سيتفرغ نتنياهو لإرضاء رفاقه في حزب الليكود. فقد اتضح أن نصف عدد الوزراء الحاليين سيفقدون مناصبهم الوزارية. وينوي نتنياهو منح منصب نائب وزير أو سفير في الأمم المتحدة وموسكو ولندن، لوزراء آخرين.
المصدر: الشرق الأوسط - الجزيرة - وكالات