أوضح جراح الشرايين اللبناني جهاد فيليب جبور في حديث لـ"الوكالة الوطنية للإعلام"، أنه "في الوقت الذي يتسابق فيه العلماء لتطوير لقاحات وعلاجات لفيروس "كورونا" المستجد، يعمل آخرون على دراسة الآثار التي يحدثها الفيروس في أجهزة الجسم المختلفة، والتي تسهم في تدهور الحالة الصحية للمرضى، بصورة قد تفقدهم الحياة".
وقال جبور الذي يعمل في أهم مستشفيات العاصمة الإيطالية "أمبرتو بريمو" الجامعي، وهو المستشفى الذي حول معظم أقسامه لاستقبال مرضى "كوفيد 19": "يعد "كوفيد - 19" أحد الأمراض التنفسية، إذ تظهر أكبر تداعياته على الرئتين، ويمكن أن تتطور إلى التهاب رئوي حاد ثم إلى فشل رئوي، ومن ثم تحدث الوفاة ولا يشمل فقط الرئة بل القلب، خصوصا عند المسنين الذين يبلغ عددهم في إيطاليا أكثر من 23 في المئة من عدد السكان الإجمالي. لكننا هنا نتحدث عن المراحل المتقدمة للفيروس، لأنه في المراحل الأولى خاصة بعد اكتساب الخبرة، يجري معالجة المريض بالأدوية التقليدية ومعظمهم يتماثل للشفاء".
أضاف: "إن خطر هذا المرض لا يقف عند حدود الرئة، بل يمكن أن يشمل القلب. فيروس كورونا يفاجئنا كل يوم بشيء جديد ولا يزال غامضا للجميع. ومن بين أحدث المضاعفات لهذا الفيروس الجلطات الدموية، التي تظهر في الرئة وأجزاء مختلفة من الجسم لدى المرضى".
وكشف جبور أن "عددا كبيرا من ضحايا "كورونا فيروس" ( Covid-19) يتوفون بسبب فشل في عمل القلب والجهاز التنفسي"، وقال: "عرفنا ذلك من خلال عمليات التشريح التي أجريت في مستشفيات كمستشفى "سبالنساني" Spallanzani ، الأكثر شهرة اليوم. يعاني معظم المصابين من الإلتهاب الرئوي ومصدره الإلتهاب بالأوعية الدموية، أي إلتهاب حاد في الأوعية الدموية ينتقل إلى القلب والجهاز التنفسي وإلى الرئتين، ما يحدث تليفا كثيفا فيهما. يمكننا القول أن الفيروس يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على صحة القلب، حتى بين الأشخاص الذين لم يعانوا في السابق من أمراض القلب والأوعية الدموية. لكل ذلك، يمكن القول أن الإصابة في مراحلها المتقدمة ممكن أن تحدث آثارا تدميرية لخلايا القلب في صورة التهاب لعضلة القلب، مشابه لما يحدث عند الإصابة بقصور الشرايين التاجية أو جلطة القلب، وبالتالي فإنه يضعف العضلة القلبية، ويفاقم أوجاع مرضى القلب ويهدد حياتهم".
أما عن العلاجات الناجحة المستخدمة، فقال: "كل يوم يمر نتعرف أكثر فأكثر على الفيروس، ولا يوجد علاج محدد له. لكن المهم اليوم أن المرضى يتماثلون للشفاء. أذكر أن أول المرضى الذين تماثلوا للشفاء دخلوا الى مستشفى سبالنتساني ( في اواخر شهر كانون ثاني وخرجوا في نهاية شباط) رجل وزوجته جاءوا للسياحة من الصين. ظهرت عليهم عوارض المرض ودخلوا المستشفى وتمت معالجتهم بواسطة مضاد للفيروسات المدمجة بالـ"أزيثروميسين" Azithromycin وهو مضاد أيضا لالتهابات المفاصل. للأسف الالتهاب القوي الذي يسببه الفيروس ينشط أنظمة التخثر ما يسبب الجلطة القلبية، لهذا السبب استعملت أدوية ما زالت تحت الإختبار لكن الوكالة الإيطالية للدواء AIFA سمحت بها مثل Tocilizumab و Sarilumab وهي أدوية تستعمل عادة كمضادة لالتهاب المفاصل. العدد الأكبر من المصابين اليوم يعالجون في منازلهم وتطبق عليهم العزلة المنزلية وتشرف عليهم مستشفيات متطورة مثل مستشفى سبالانساني الشهير في روما، معظمهم يعالجون ب كلوروكوين chloroquine وهيدروكسي كلوروكوين hydroxychloroquine ، وهما مضادان للفيروسات وللالتهابات لكن يجب أن يتم ذلك تحت المراقبة الشديدة نظرا للعوارض الجانبية الخطرة".