وردت في مسودة خطة الحكومة للانقاذ الاقتصادي بنود ضريبية جديدة تهدف الى زيادة الإيرادات لسدّ العجز الكبير في المالية العامة. ومما تمّ اقتراحه: توسيع قاعدة دافعي الضريبة، تحسين الجباية من الجمرك، تحسين جباية الضريبة على القيمة المضافة، الغاء الإعفاءات المعطاة لشركات الـholding و off shore، الغاء بعض الإعفاءات المختصة بالضريبة على القيمة المضافة من دون تحديد ماهيتها، وتحسين هيكلية الإدارة الضريبية.
كذلك لحظت الخطة بعض الزيادات الضريبية، مثل زيادة نسبة الضريبة على الشركات من 17 الى 20 في المئة، زيادة الضريبة على أرباح رؤوس الأموال المنقولة من 10 الى 15 في المئة، باستثناء الضريبة على الفوائد التي سيُصار الى زيادتها من 10 الى 20% بالنسبة الى الإيداعات التي تتخطّى المليون دولار، زيادة الضريبة على الشطور بالنسبة للرواتب العالية، على ان تستتبعها ضريبة الباب الأول على الأرباح المهنية، رفع الضريبة على ربح التحسين من 10 الى 15 في المئة، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات من دون تحديد تلك الكماليات.
كما تحدثت الخطة عن تحويل إيرادات مخالفات السير الى الخزينة مباشرة، استعادة الأموال المنهوبة من دون تحديد الفترة الزمنية والآلية التي ستتبع لذلك.
ووفق تقديرات الخطة الحكومية، فإنّ التدابير الضريبية الاجمالية هذه ستفي بالغرض المطلوب وستزيد إيرادات الدولة 16% نسبة الى الناتج المحلي، على ان تتحوّل في العام 2024 الى فائض اولي.
وفي تعليق اولي على هذه الخطة، يسأل رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر، ما اذا كانت الحكومة اجرت دراسة جدوى اقتصادية لهذه التدابير المقترحة، لأنّه يجب إطلاع الرأي العام على قيمة الزيادات المتوقعة من هذه الضرائب، كما يجب اجراء دراسة للأثر الاقتصادي والاجتماعي لأي تدبير. على سبيل المثال، قبل الغاء الإعفاءات المعطاة لشركات holding و off shore، يجب تقديم دراسة عمّا تقدّمه هذه الشركات في موارد سنوية للدولة، ولمعرفة تأثير هذا الإلغاء على الدولة، ألن ينعكس نزوحاً كبيراً لهذا النوع من الشركات من لبنان، خصوصا انّ لهذه الشركات مقرّات في لبنان وتؤمّن العمل للمئات من اليد العاملة اللبنانية، عدا عن انّها حافز لجذب الاستثمارات الى لبنان؟ وإلغاء هذه الامتيازات يضرّ بصورة لبنان ولن يتشجّع بعدها أي مستثمر للاستثمار فيه. انطلاقاً من ذلك، شدّد ضاهر على ضرورة السير بمبدأ الثبات التشريعي، اذ لا يجوز رفع الضرائب تدريجياً وبشكل سنوي على قطاع الاعمال، فهذه الخطوة تُبعد المستثمرين، اذ يفقدون الثقة بالنظام الضريبي في لبنان. على سبيل المثال، رُفعت ضريبة الدخل في العام الماضي على الشطر الأعلى من 21% الى 25% اما خطة الحكومة الحالية فتلحظ رفعها من 25 الى 30%، فما الذي يضمن للمستثمر الّا ترفع هذه النسبة الى 35% العام المقبل اذا احتاجت الحكومة الى مزيد من الإيرادات؟ كذلك الامر بالنسبة الى الضريبة المفروضة على الشركات التي ارتفعت من 15% الى 17% العام الماضي والخطة اليوم تقترح رفعها الى 20% بما يعني انّ الضريبة زادت نحو الثلث خلال فترة ثلاث سنوات.
وكما يعلم الجميع، فإنّ قطاعات عدّة في البلد ستسجّل خسائر هذا العام متأثرة بأزمة «كورونا»، وبالتالي هناك مآخذ على منحى زيادة الضرائب في حالة الانكماش هذه، ونخشى الوصول الى حالة ركود اقتصادي تخرج منها الشركات بخسارة كبيرة.
ما البديل عن الضرائب؟
في المقابل، يقدّم ضاهر بعض المقترحات لتفادي زيادة الضرائب، إذ «أنّ قطاعات عدة تعمل اليوم وتحقق أرباحاً وهي مضرّة بالصحة والبيئة مثل الكسارات والاسمنت والاملاك البحرية... هذه القطاعات تدرّ الكثير من الأموال وتضرّ بالبيئة، فلماذا لا تجني منها الدولة الأموال؟ ناهيك عن عدد كبير من القطاعات والمرافق المعفية من الضرائب منذ العام 1959 منها مثلاً: شركات الملاحة الجوية، التفرّغ عن الأسهم بالشركات، مؤسسات التعليم التي هي بمثابة «دكاكين»، على ان تقدّم في المقابل إعفاءات لقطاعات منتجة مثل الزراعة والصناعة والصناعة المتخصصة والصحة...
السرّية المصرفية
كما دعا ضاهر الى إصلاح ضريبي شامل ومنتج، وبالتالي لماذا لا ننتقل الى عقد اجتماعي جديد يقوم على نظام ضريبي موحّد، بحيث تُجمع كل إيرادات الشخص في وعاء واحد، وعلى هذا الأساس تُفرض ضريبة تصاعدية حسب الدخل، وتدخل ضمن هذا الوعاء ايرادات الفوائد المصرفية ورؤوس الأموال المنقولة...
ولإنشاء هذا النظام الجديد نحن في حاجة الى اصلاح اداري مالي يستوجب إعادة النظر بنظام السرّية المصرفية، خصوصاً بعدما تبيّن انّ هذا النظام بات درعاً حامياً للمتخلّفين والمخالفين.
ورداً على توجّه الحكومة لإجراء قصّ الشعر haircut، اقترح ضاهر بعض الضرائب التخصصية التي لا تدخل الى الخزينة فيتم هدرها، انما الى صندوق سيادي تنموي وتضامني. وقال: «مهما قدّموا حلولاً الآن سيضطرون في النهاية الى bail in لإعادة هيكلة الدين العام وسيضطرون الى الاقتطاع من الودائع مقابل أسهم في المصارف او في الصندوق السيادي الذي سيُستعمل أيضاً لوضع الأموال المنهوبة عند استرجاعها، والإيرادات الخارجية للدولة مثل البترول».