هناك مغالطة "معرفية" شائعة ويتم الآن نشرها على نطاق واسع لاستعمالها كوسيلة دفاع عن إخفاقات وفشل وتخبط حكومة حسان دياب ومعه وخلفه هذا العهد المشؤوم ومن أتى بهما.
المغالطة تقول : يكفي أن يكون من يتبوأ مركز المسؤولية "ادمي" وليس لصا أو سارقا حتى يكون هذا كاشفا على أنه أهل لموقعه وبالتالي يجب أن يستمر بما هو عليه ويجب دعمه وتأييده بالرغم من فشله الذريع وما يتأتى بسببه من أضرار جسيمة على البلد !! ويتم هنا مقارنته بمن سبقه من اللصوص وأصحاب الأيادي السود وحصر المسألة بين خيارين اثنين كما جرت عادة المدافعين بوسائلهم اللا منطقية عبر خلق ثنائيات وهمية يخترعونها لإيصالك إلى نتيجة واحدة يريدونها هم.
فكما أنك تُحاصر بين "المقاومة" أو "إسرائيل" ، "إيران" أو "السعودية" ، "محور الممانعة" أو "المحور الاميركي" بحيث يمنع عليك التفكير بخيارات أخرى ثالثة ورابعة لأن المهم ها هنا هو فقط التسليم لخياراتهم من دون السماح لعقلك أن يسبح في رحاب أوسع وآفاق جديدة !
إقرأ أيضًا: هل تستغل اسرائيل الكورونا وتشن حربها على حزب الله؟
وبالعودة إلى "اودمة" حسان دياب، أولا من قال أن اللصوصية وحب المال هي الآفة الوحيدة والحصرية لمن يستلم مواقع القرار؟؟ وأن ليس هناك ما هو أخطر وأفظع وأعظم من هذه الآفة؟ فالواقع والتاريخ يخبرنا عن كثيرين من الحكام والطواغيت كانوا لا يبالون بتكديس الأموال والثروات إلا بما يخدم بقاء عروشهم، وأكثر من ذلك فكم من متسلطين ضحوا بما هو أغلى من المال في سبيل بقاء حكمهم فضحوا بالولد والاخ والقريب، وكلنا نستذكر مقولة هارون الرشيد لولده : "فوالله لو نازعتني أنت على ما أنا عليه لقطعت الذي فيه عينيك"
فآخر ما يخرج من قلب العبد (والكلام لامير المؤمنين علي بن ابي طالب) هو حب الجاه ... وهنا تحديدا تكمن أم المصائب وارذل الرذائل على امتداد عالمنا العربي والاسلامي دولا وأحزابا، فحب الجاه وعشق السلطة وشهوة الحكم هي آفة الآفات وسبب كل ظلم واستبداد وجور وتخلف.
وبالعودة إلى حسان دياب، الذي يعلم علم اليقين هو ومن جاء به، أن مصير حكومته ستكون كما هي عليه الآن وأن حكومة اللون الواحد المحسوبة على محور حزب الله لن تجلب على لبنان إلا المزيد من القحط والفقر والعوذ وأنه لا يمكن لمثل هكذا حكومة أن تُخرج لبنان من أزماته المتعابقة بل ستزيد الأمور سوءا وستزيد من عزلة لبنان وانفضاض كل العالم من حوله مما يعني الانهيار الحتمي والجوع المنتظر.
ومع كل هذه البديهيات المتوقعة والتي كانت السبب في رفض عدة أسماء طرحت قبله لتولي رئاسة الحكومة، فقد ارتضى حسان دياب لنفسه أن يركب على رأس حكومة هو يدرك تماما أنها ستكون كارثية على الإقتصاد وعلى حاضر لبنان ومستقبله فقط من أجل إشباع شهوة السلطة عنده ومرض النرجسية لديه، بالإضافة إلى أن لحظة قبوله ترؤس الحكومة كانت لحظة تاريخية لعله لم يشهد لبنان مثيلا لها منذ نشأته، حيث ولأول مرة خرج اللبنانيون من أقصى الشمال وإلى أقصى الجنوب هاتفين حالمين بحكومة انقاذية حقيقية غير تابعة لأحزاب السلطة، وكان هذا الحلم قاب قوسين أو أدنى من التحقق، فجٍيء بحسان دياب هذا لغرض أوحد هو أن يسرق من بين جفوننا هذا الحلم الوردي الذي طال انتظاره، هذا الحلم الذي هو أثمن من كل مال الدنيا وثرواتها، وللاسف فقد نجح حتى الآن بمهمته، وعليه فلو قدر لي أن أُسأل عن إسم أكبر سارق في لبنان ؟ لما ترددت لحظة بتسمية حسان دياب .