منذ أن نالت الحكومة الثقة وبعد إسبوعين بالتمام والكمال، وجد رئيسها حسان دياب "الشماعة" التي يمكن أن يعلق عليها كل الأخطاء والعثرات والاخفاقات وصولا الى الفشل، من خلال الاضاءة على التركة الثقيلة، والسياسات الاقتصادية على مدار ثلاثين عاما، ومؤامرة إستهداف الحكومة سياسيا خوفا من نجاحها.
لم يكتف دياب بذلك، بل وضع في ظهره كل من أعطى حكومته فترة سماح، من الخصوم الذين إنقض عليهم في هجمات إتهامية إستباقية، الى تحريكه عش "الدبابير الزرق" أكثر من مرة، الى محاولته إستفزاز رؤساء الحكومات السابقين بزيارة الى الرئيس سليم الحص، والتي وجد فيها كثير من المطلعين أنها أساءت الى "ضمير لبنان" الذي لا يليق به أن يُستخدم بعد هذا العمر في رسائل سياسية من هذا النوع، لما لديه من رمزية وطنية وقيمة معنوية لا يختلف عليها أحد.
لا يختلف إثنان على أنه طفح الكيل لدى اللبنانيين الذين نفذوا أول محاولة إنقلابية على السلطة السياسية في 17 تشرين الأول ونجحوا في الاطاحة بحكومة سعد الحريري، وبات معلوما أن أحدا لم يعد قادرا على تحريك هذا الشارع أو التحكم به أو الاستثمار فيه بعدما إنقلب على الجميع، ولعل التحركات الجديدة والهتافات التي نددت بأركان السلطة الحاليين والسابقين، تؤكد بما لا يقبل الشك بأن لا شيء اليوم يدفع الناس للنزول الى الشارع سوى الهم المعيشي وتقصير الدولة عن القيام بواجباتها في حماية لقمة عيش المواطنين.
كيف لشعب أن يسكت عن حكومة تريد أن تحجره في المنازل وأن تمنعه من العمل من دون أن تؤمن له أبسط مقومات الحياة، في حين أن مساعدات الـ 400 ألف ليرة التي أقرتها منذ ثلاثة أسابيع ما تزال أسيرة التخبط والأخطاء ومحاولات حرفها عن مسارها الصحيح؟.
كيف لشعب أن يسكت عن حكومة لم تحرك ساكنا أمام الارتفاع الجنوني للدولار الأميركي وإنعكاس ذلك على المواد الغذائية التي إرتفع سعرها مئة بالمئة وعلى الخضار التي إرتفع سعرها أكثر من 200 بالمئة.
كيف لشعب أن يهادن حكومة تفاوضه على جنى العمر الأسير منذ أشهر في المصارف، من أجل إقتطاع نسبة منه لمصلحة الخزينة؟.
كيف لشعب أن يسكت على حكومة يطلب وزير إقتصادها منه عدم شراء البيض والدجاج، وينصحه وزير زراعتها بعدم شراء اللحوم، بسبب عدم القدرة على مواجهة جشع التجار أو منع الاحتكار، في حين لم ير رئيسها أي شيء نافر في الأسعار خلال جولته “المفاجئة” على سبينس ـ الجناح الذي حصل على “دعاية” عبر كل وسائل الاعلام لم يكن يحلم بها!؟..
كيف لشعب أن يسكت على حكومة يتحدث رئيسها كلما أطل عليه بالشعر والنثر والتمنيات وبصيغة المستقبل، فيما الحاضر المؤلم غائب عن كل الاهتمامات؟.
كل ذلك كفيل بتأجيج الثورة التي لم تعد تحتاج الى تيار سياسي يحركها أو جهة طائفية أو مذهبية تدعمها أو تغطيها، وفي ذلك رسالة واضحة للحكومة ورئيسها حسان دياب، فإما أن يصار الى التخلي عن "نظرية المؤامرة" والعودة الى واقع البلد ومعاناة أهله والاسراع في إيجاد الحلول الناجعة، وإلا فإن الاطاحة بالحكومة لن يكون بعيدا!.