اشار السيد علي فضل الله الى أن لبنان يأتي في مصاف الدول التي تصنف بأنها تعاطت بشكل جدي ومسؤول مع هذا الوباء بفعل تعاون مواطنيه مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تخفيض عدد الإصابات منبهاً إلا أن هذا لا يعني أن ننام على حرير وان نتخفف من الالتزام بها بل لا بد من بقاء الالتزام بكل ما يؤمن السلامة الشخصية وسلامة الاخرين لان لبنان لم يخرج بعد من دائرة الخطر وأن أي تهاون في الالتزام الدقيق بالتعبئة العامة والحجر الصحي يمكن أن يعيد لبنان إلى دائرة الخطر .
ولفت فضل الله في رسالة الجمعة، الى أن الحاجة تبقى إلى المزيد من الصبر والاناة لتخطي هذه المرحلة باقل قدر ممكن من الخسائر مشددا ً على ضرورة الوحدة الوطنية في التعامل مع هذا الوباء وعدم إدخاله في السجالات الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية بعد أن أصبح واضحاً للجميع أن هذا الفيروس لا يفرق بين طائفة وأخرى وبين مذهب وآخر وبين موقع سياسي وآخر فهو يصيب الجميع ولا يمكن ان يواجه إلا بتضافر جهود الجميع . ونوّه بجهود وزير الصحة ودوره وحرصه الشديد على مواجهة الوباء في كل المناطق انطلاقاً من معايير وطنية وأخلاقية باتت تحظى بتقدير الجميع.
وأضاف سماحته: في موازاة المواجهة الجدية لهذا الوباء على الصعيد الصحي وبنفس الأهمية والجدية تبرز الحاجة إلى مواجهة ومعالجة الوضع الاجتماعي والمعيشي الضاغط للناس لان تداعياته الخطيرة بفعل تزايد البطالة وإجراءات التعبئة العامة والحجر المنزلي الذي منع الكثير من المواطنين من الذهاب إلى أعمالهم وعدم قدرة الكثير من المؤسسات الخاصة على دفع الرواتب كاملة لموظفيها باتت يستدعي جهداً مضاعفاً لتقديم مد يد العون إلى هذه الفئات المتضررة واعتبار ذلك من الأولويات وإلا فإننا سوف نكون أمام كارثة حقيقية تقع عندما لا يجد هؤلاء قوت يومهم وحاجات عائلاتهم.
ودعا فضل الله إلى الاسراع بإنجاز مشروع المساعدات للعائلات الاشد فقرا بعيدا عن أية تعقيدات بيروقراطية مما يتصل بحيثيات عمل هذه الوزارة او تلك وفي ضوء خطة مدروسة ومنسقة تؤدي إلى الغاية المطلوبة. وتوقف عند الارتفاع العشوائي والجنوني وغير المبرر لأسعار السلع الغذائية، مشيداً بموقف رئيس الحكومة الذي شدّد على أن لقمة عيش اللبنانيين خط أحمر، وأن المس بالأمن الغذائي أمر ممنوع ومرفوض، ومطالباً الحكومة أن تقف بقوة في وجه العديد من الشركات المستوردة والتي تتحمل المسؤولية عن ارتفاع الأسعار وأن تعمل من خلال المؤسسات المعنية على المراقبة اليومية لأسعار السلع.
وتعرض سماحته لمعاناة المواطنين على أبواب المصارف وعدم قدرتهم على تحصيل أموالهم التي هي أمانة بيد المصارف، مشدداً على ضرورة ان ترد هذه الأمانات إلى أهلها لافتاً إلى أهمية التعميم الصادر عن مصرف لبنان الذي يستفيد منه قسما كبيراً من الناس ومعتبراً أنه يبقى دون المطلوب، حيث هناك شريحة كبيرة لا زالت تعاني من عدم قدرتها على سحب أموالها، وعلى الدولة أن تحمي مواطنيها وان لا تتركهم فريسة لأحد حتى لا تتكرر المآسي اليومية على أبواب هذه المصارف.
وحث الحكومة التي جاءت لتعالج الواقع الصعب الذي يعاني منه البلد أن تثبت جدارتها وان قرارها بيدها ولحساب كل مواطنيها لا لحساب هذا أو ذاك من الأفرقاء الذين يريدون إبقاء الدولة بقرة حلوب ومزرعة لهم ولمحاسيبهم، رغم ان ما جرى في الأيام الأخيرة في طريقة التعامل مع التشكيلات القضائية إلى التعيينات المالية قد خدش صورة هذه الحكومة وكاد يشكك بقدرتها على التخلص من المحاصصة وعلى مواجهة الضغوط من هنا وهناك.
وطالب الحكومة بالمضي في تنفيذ تعهداتها بتصويب مسار الدولة وفق الصورة التي يريدها اللبنانيون من هذه الحكومة لتبقى ثقتهم بها قوية، وهي تستطيع أن تكون أمينة لكل تطلعاتهم رغم كل الصعوبات التي تعترضها لتحقيق مصالح المواطنين والوطن.
وتتطرق سماحته إلى اتفاق وقف النار في اليمن آملا أن لا يكون ذلك مجرد وقف مؤقت للحرب، بل أن يفتح ذلك الباب على الحل السياسي الكامل داعيا إلى العمل على إزالة كل تداعيات هذه الحرب وإعادة اعمار هذا البلد ونشر السلام في ربوعه بعد كل المآسي والويلات التي تسببت بها هذه الحرب العبثية.
وختم سماحته بالتوقف عند التاسع من نيسان ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر الذي اثرى الفقه والفكر الإسلامي والاقتصاد والفلسفة بإسهاماته واطروحاته وتجديده وترك بصماته على صعيد الحركة الإسلامية والواقع الإسلامي ، مضيفاً اننا وإن افتقدنا عالما وفقهيا ومفكراً وفيلسوفاً لكن عزاؤنا بأن حضوره لا يزال ماثلا في كل هذا الزاد الفكري والروحي والجهادي الذي تركه للأجيال القادمة، والذي يحملها مسؤولية البناء عليه ومواصلة مشروعه الإسلامي الإنساني حتى تحقيق الأهداف الكبرى للأمة.