تناول رضا صوايا موضوع جودة الكمامات في لبنان ومدى مطابقتها للمعايير الطبية، فكتب في صحيفة الأخبار:
صدّرت الصين، منذ بداية آذار المنصرم، حوالى 4 مليارات كمامة لسد النقص الهائل الذي عانت منه الأسواق العالميّة بعد تفشي وباء «كورونا». إلا أن ذلك خلق مشكلةً أخطر حول مدى جودة هذه الكمامات ومطابقتها للمعايير العالميّة، خصوصاً أن بعض المصانع غير المرخص لها استغلّت الطلب الكثيف على هذا المنتج، متفلّتة من الرقابة في ظلّ الأزمة التي تعصف بالعالم.
وفي 28 آذار الماضي، سحبت هولندا 1.3 مليون كمامة مستوردة من الأسواق لعدم استيفائها الحد الأدنى من المعايير الضرورية لضمان سلامة الأطقم الطبيّة. المشكلة كانت مع كمامات KN95 (البديل الصيني لكمامات N95 الأميركية الأكثر شيوعاً والتي تؤمن الحماية من الجزيئيات بنسبة 95%). وبحسب وزارة الصحة الهولندية، فإن هذه الكمامات لم تحوِ ما يكفي من الفلاتر ولا تغطي الفم والخدين بشكل كامل ما يسمح بتسرب الهواء. وهو ما ردّت عليه الخارجية الصينية بأن المصنّع ذكر بوضوح أن «هذه الأقنعة المرسلة غير جراحية»، داعيةً المستوردين إلى «التأكد من الطلبية ومن تعليمات الاستخدام».
المشكلة شملت أيضاً معدات لفحص الكورونا اشتكى منها عدد من الدول، منها اسبانيا وتركيا وسلوفاكيا وتشيكيا وماليزيا، من أن بعضها ذو عيوب تصنيعية ونسبة دقته في اكتشاف الفيروس لا تتعدى 30% إلى 35%. وفيما أكدت الحكومة الصينية أن الشركة المصدّرة غير مرخصة، اتخذت مطلع نيسان الجاري إجراءات أكثر صرامة، وفرضت على الشركات المصنّعة للمستلزمات الطبية الخاصة بمكافحة كورونا الحصول على رخصة من الإدارة الوطنية للمنتجات الطبية.
إذا كان مثل هذه المنتجات وجد طريقه الى دول تتّخذ في العادة إجراءات صارمة، فهل ما يضمن عدم وصولها الى بلد كلبنان؟
تؤكد رئيسة تجمّع مُستوردي المُستلزمات الطبية سلمى عاصي أن الشركات المنضوية في التجمّع «لم تستورد منذ أشهر كمامات أو مستلزمات طبيّة بسبب المشكلة التي كانت عالقة بينها وبين المصارف لناحية التحويلات المالية اللازمة للاستيراد، والتي تم تحويل قسم منها منذ أسبوع فقط». وبالتالي، تلفت الى أن «هناك علامة استفهام كبيرة حول الكمامات التي تدخل إلى لبنان ومن أي مصنعين في الصين ومدى جودتها»، مشيرة الى أن السلطات الصينية «فرضت منذ أسبوع فقط على الشركات إبراز شهادة تصنيع... لذلك لا أعرف من يدخل الكمامات إلى لبنان وكيف تُفحص ومن يفحصها ويتأكد من جودتها»!
مستشار وزير الصحة لشؤون المعلوماتية سامي سليم قال إن «القانون لا يمنع استيراد كمامات غير مطابقة للمواصفات الطبيّة إذا كان الهدف من استخدامها غير طبي، كما في حالة الكمامات الصناعيّة مثلاً. أضف إلى ذلك أن الكمامات، حتى الطبيّة منها، مختلفة الأنواع، وبعضها يؤمن الحماية من الجزيئيات بنسبة 90%، وبعضها الآخر بنسبة 80% أو 70%. وبالتالي على المستهلك أن يدقق في المنتج الذي يشتريه».
وزارة الصحة أعلنت عن استدراج عروض لتأمين مستلزمات الوقاية الشخصية (كمامات، قفازات، أثواب جراحية يمكن التخلص منها، نظارات واقية، غطاء الأحذية، بدلة الوقاية التي تغطي كامل الجسم) وذلك في مهلة أقصاها اليوم عند الساعة 3 ظهراً. وتشترط الوزارة على الشركات الراغبة في المشاركة أن تحدد بوضوح المصدر واسم المصنّع وشهادة المعايير المستخدمة وورقة بيانات المواصفات. ووفقاً لسليم، فإن «ما تطلبه الوزارة مخصص للعاملين الصحيين والمستشفيات الحكومية، وقد تعلمنا من الأزمة وحسّنّا من طريقة تعاطينا. ففي المناقصة الأولى التي أطلقناها كانت المواصفات قليلة وهو ما اعتبرنا أنه قد لا يكون كافياً. بناءً على ذلك، استعنا بأحد أبرز الخبراء الوطنيين في هذا المجال، وقد ساعدنا في تحديد المواصفات التي يجب توافرها، والتي على أساسها وضعنا دفتر الشروط الخاص بالمناقصة الثانية» التي تنتهي مهلة تقديم عروضها اليوم.لكن ماذا عن التدقيق في الكمامات وبقية المستلزمات والتأكد من جودتها بعد استيرادها كي لا يصيبنا ما اشتكت منه بقية الدول؟ يقول سليم إن «الاتكال هو على شهادة المعايير والتصنيع التي يقدمها المصنّع بعد تدقيق من إحدى الشركات المتخصصة. ولا أعتقد أن للوزارة القدرة على فحص الكمامات للتأكد من جودتها، لأن الأمر يتطلب مختبرات متخصصة، ولست متأكداً إن كنا نملك مختبرات معتمدة لهذه الغاية»