علمت «الجمهورية» انّ جهات دوليّة عديدة، وجّهت في الآونة الأخيرة أسئلة إستفسارية عن برنامج الحكومة، فيما نسبت جهات سياسية لبنانيّة الى ما سمّتها «أجواء» ديبلوماسية غربية تفيد بأنّ تقديمات «سيدر» لبنان قد انتهت، ولم يعد لها وجود، لأسباب عدّة أهمّها تأخُّر برنامج الحكومة اللبنانية، وكذلك الأزمة الإقتصادية العميقة التي بدأت تجتاح العالم.
ونَفت مصادر وزارية هذا الأمر، وقالت لـ«الجمهورية»: إنّ لبنان لم يتبلّغ شيئاً من هذا النوع، بل على العكس إنّ ما نسمعه من سفراء الدول المعنية بمؤتمر «سيدر» لا يؤشّر الى وجود أي تبديل في برنامجه حيال لبنان. بل يشدِّد على الإلتزام بمندرجاته، وهو الأمر الذي يضعه لبنان في رأس سلّم أولوياته في هذه المرحلة، على اعتبار أنّ الإفادة من تقديمات «سيدر» تشكّل أحد العناصر الأساسية المعوّل عليها لتجاوز الأزمة.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية لـ»الجمهورية» أنّ «نصائح متتالية ومتجدّدة تنقل الى الجانب اللبناني للتوجّه نحو صندوق النقد الدولي وطلب مساعدته». ويأتي ذلك في وقت ما يزال هذا الأمر محلّ انقسام بين اللبنانيين، حيث تعتبره فئة منهم فرصة للحصول على جرعات من النقد يحتاجها الإقتصاد اللبناني، والتي من دونها لا يستعيد لبنان عافيته، فيما تخشى فئة أخرى، يتقدّمها الثنائي الشيعي، من أن تشكّل مساعدة صندوق النقد الدولي للبنان مدخلاً لوضعه تحت وصاية الصندوق تزيد معاناة الشعب اللبناني، عبر شروط قاسية وفرض ضرائب جديدة».
وبحسب المصادر فإنّ العديد من سفراء الدول الغربية، أكدوا على هذه النصائح أمام كبار المسؤولين اللبنانيين، على اعتبار أنّ اللجوء الى صندوق النقد الدولي، هو حاليّاً الخيار الوحيد المُتاح أمام لبنان، وأنّ الجانب اللبناني مرحّب بهذه النصائح، ولكن من دون أن يشير الى قرار واضح حيال هذا الأمر.
وعُلم في هذا الإطار أنّ لبنان تلقّى إشارات أمميّة، وفرنسية وألمانية وكنديّة بهذا المعنى، على اعتبار أنّ اللجوء الى صندوق النقد من شأنه أن يرتدّ بفائدة ملموسة على لبنان، ليس من الصندوق فحسب، بل من الدول الغربية تحديداً، التي يشجّعها لجوء لبنان الى صندوق النقد على التعامل معه بفعالية وإيجابية أكبر ممّا هي عليه في وضعه الحالي.
وعلمت «الجمهورية» انّ الموقف الأميركي يندرج في هذا السياق أيضاً، حيث عكسته السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في لقائها الأخير مع وزير المال غازي وزنة، حيث كان الوضع الإقتصادي في لبنان محور اللقاء، إستوضَحت خلاله السفيرة الأميركية عن البرنامج الإقتصادي للحكومة، وأكدت في الوقت نفسه أنّ من مصلحة لبنان التوجّه نحو صندوق النقد، وأن يبادر الى تقديم برنامجه الإقتصادي للصندوق، وهو أمر ضروري ومُلحّ، لافتة الى أنّ المساعدات للبنان يمكن أن تأتي عبر صندوق النقد، ولكن قبل ذلك ينبغي على لبنان أن يقدّم برنامجه، الذي على أساسه تتحدّد كيفية مَدّ يد المساعدة للبنان»، علماً أنّ موقف واشنطن المُعلن من مساعدة لبنان مرتبط بتنفيذ مجموعة خطوات، أهمها إجراء الإصلاحات ومكافحة الفساد والنأي بالنفس.
على الضفة الأخرى من الأولويات اللبنانية، يتربّع ملف سندات «اليوروبوندز»، كمادة ساخنة وأولى للبحث مع الدائنين. وبحسب مصادر وزارية معنية بهذا الملف، فإنّ موقف لبنان من تعليق دفع السندات لقي تفهّماً دولياً، وعبّر عن ذلك صراحة بعض سفراء مجموعة الدعم، يضاف الى ذلك «التقييم الإيجابي» الذي عبّر عنه الدائنون، للعرض الذي قدّمه وزنة، قبل أيام عبر الإنترنت، للظروف التي أحاطت بالموقف اللبناني، وبرنامج عمل الحكومة اللبنانية حيال هذا الأمر في المرحلة المقبلة.
وفي هذا الإطار، أعربت المصادر الوزارية عن تفاؤل ملحوظ حيال إمكان التوصّل في المدى المنظور، الى حلول مرضية للبنان وللدائنين في آن معاً. وثمة إشارات مريحة تلقّاها لبنان على هذا الصعيد. وفي هذا الإطار علمت «الجمهورية» أنّ النقاش الأول بين وزارة المال والدائنين، ستكون له جولة ثانية مكمّلة له في وقت ليس بعيداً.