تحدثت رنا سعرتي في صحيفة الجمهورية عن دور لجنة الرقابة على المصارف، فكتبت:
ما هو دور لجنة الرقابة على المصارف، وهل مهامها كانت تسمح لها بتدارك المخاطر التي عرَّض القطاع المصرفي نفسه لها خلال السنوات الماضية؟ هل يقع جزء من مسؤولية الإنهيار المالي والنقدي عليها؟
مع انتهاء ولاية لجنة الرقابة على المصارف برئاسة سمير حمود، من المتوقّع أن يُقرَّ مجلس الوزراء الاسبوع المقبل التعيينات المُنتظرة للجنة، رئيساً وخمسة أعضاء، في حال تمّ التوافق سياسياً، كما جرت العادة على اسماء المرشحين.
تكمن مهمة لجنة الرقابة على المصارف في التدقيق في صحة وسلامة القطاع المصرفي، وفي الحفاظ على سمعته ومصداقيته دولياً، كما تقوم بتقييم مدى تقيّد المصارف بالقواعد المصرفية، وهي جميعها عوامل لم تعد اليوم متوفرة لدى القطاع المصرفي. فهل تتحمّل لجنة الرقابة على المصارف مسؤولية ما آلت اليه أوضاع القطاع المصرفي؟
يعتبر بعض المراقبين، انّ لجنة الرقابة على المصارف، التي تُقدّر مخصصات كل عضو فيها بحوالى 320 الف دولار سنوياً، تتحمَّل جزءاً كبيراً من مسؤولية ما آل اليه الوضع المالي والنقدي الاسوأ الذي تعيشه البلاد حالياً.
ويتساءل البعض عن دورها وعن مدى إهمالها لمهامها او تواطئها من ناحية عدم التسليط الضوء على مخالفات المصارف، بدءاً من خرق بعضها لقوانين تبييض الاموال ومكافحة تمويل الإرهاب، والذي ادّى الى تصفية مصرفين، واحد متوسط وآخر صغير، وصولاً الى وضعية المصارف اليوم وتعريض جزء كبير من مطلوباتها، اي اموال المودعين، لمصرف لبنان، الذي بدوره تبيَّن انّه يعاني من فجوة مالية كبيرة تزيد عن 50 مليار دولار. بالإضافة الى ميزانيات المصارف، التي تصفها مؤسسات التصنيف الدولية بأنّها مغلوطة وفي وضعٍ حرج.
في هذا الإطار، رأى احد الخبراء الدوليين، انّ اللوم الأكبر يقع على مصرف لبنان ومن ثمّ على لجنة الرقابة على المصارف التابعة لسلطته، وهي ليست مستقلة تماماً كما نصَّ عليه القانون. مشدّداً على انّ سوء الادارة في البنك المركزي أدّى الى ما وصل اليه الوضع المالي والنقدي اليوم.
ولفت الى انّ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حذّرا السلطات المالية مراراً وتكراراً ومنذ سنوات عدة، وسلّطا الضوء على مخاطر النظام المصرفي في لبنان، إلّا انّ السلطات تجاهلت تلك التحذيرات، لا بل امتنعت لسنوات عن نشر التقارير السنوية لصندوق النقد الدولي (article 4)، والتي اشارت الى المغالطات والاتجاه الخاطئ الذي يسلكه النظام المصرفي.
مرقص
وفي السياق، أوضح المرجع القانوني ورئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية المحامي بول مرقص لـ"الجمهورية"، انّ لجنة الرقابة على المصارف وفقاً لقانون انشائها 28/67 معطوفاً على قانون سرّية المصارف الصادر في العام 1956، لا يعطي لجنة الرقابة على المصارف حق الإطلاع على الحسابات الدائنة، وبالتالي تقتصر صلاحياتها على مراقبة حسن إدارة الملفات الائتمانية لدى المصارف، أي التسهيلات المصرفية للعملاء، نسبة الملاءة والسيولة، الموجودات، الاحتياطات الإلزامية... موضحاً بالتالي، انّه يُحظَّر على المصارف إطلاع لجنة الرقابة على حركة الحسابات الدائنة، في حين انّ هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب والمنشأة وفقاً للقانون 318/2001 الملغى بالقانون 44/2015 ، تتمتّع بصلاحيات الإطلاع على الحسابات الدائنة.
وقال مرقص، انّه وفقاً للمادة 8 من قانون انشائها، فإنّ لجنة الرقابة على المصارف مستقلة وغير خاضعة في ممارسة أعمالها لسلطة المصرف، وترتبط بها دائرة الرقابة. واللجنة تتخذ قراراتها بالأكثرية، وتضع نظاماً لعملها ولموظفيها تصدّق عليه الهيئة المصرفية العليا. ويمكن للجنة أن تطلب المعلومات التي تحتاج اليها من المصرف المركزي، فيما يمكن ان يطلب حاكم مصرف لبنان منها القيام بتدقيق خاص في وضع مصرف معين.
وأوضح مرقص، انّ المادة 9 من قانون انشائها حدّدت مهام لجنة الرقابة على المصارف بالتالي:
- التحقيق في حسن تطبيق النظام المصرفي وفق الاصول المحدّدة في قانون النقد والتسليف، ولاسيما في المادتين 149 و150.
- تقوم بالتدقيق الدوري في جميع المصارف.
- تمارس اللجنة صلاحيات الرقابة الممنوحة لحاكم مصرف لبنان.
- يحق للجنة أن تضع لأي مصرف برنامجاً لتحسين أوضاعه وأن توصيه بالتقيّد بها.
في المقابل، فإنّ لجنة الرقابة على المصارف يمكن ان تخضع للمحاسبة في حال إخلالها بمهامها، وذلك وفقاً للمرسوم الاشتراعي 45/67، حيث أكّد مرقص انّ المادة الاولى من هذا المرسوم تنصّ على انّ "كل عضو من أعضاء اللجنة مسؤول اذا أخلّ عن قصد او إهمال بالواجبات التي تفرضها عليه القوانين والأنظمة النافذة"، كما انّه وبحسب المادة 2 ،"اذا رأى حاكم مصرف لبنان أنّ الرئيس او أحد اعضاء اللجنة قد أخلّ بالموجبات المترتبة عليه، يرفع عندئذ الأمر الى مجلس الوزراء، وعليه ان يبتّ في مضمون اقتراح حاكم مصرف لبنان خلال مهلة شهر واحد من تاريخ وروده الى رئاسة المجلس. فإذا انقضت المهلة المذكورة دون ان يبتّ مجلس الوزراء في مضمون الاقتراح سلباً ام إيجاباً، يُعتبر اقتراح حاكم مصرف لبنان نافذاً حكماً اعتباراً من تاريخ انقضاء مهلة الشهر".
ولفت مرقص الى انّ العقوبات بحسب المادة 3 من المرسوم نفسه، تتراوح بين التنبيه، اللوم، وإنهاء الخدمة.