لم تجمع امرأة لبنانية الألق والشهرة والنجاح الممزوج بالقسوة والألم والعذاب، كما تعرضت له الإعلامية-والسياسية المناضلة مي شدياق، إلاّ أنّ أغرب ما تعرضت له بعد محاولة اغتيالها في ٢٥ أيلول عام ٢٠٠٥، بتفجير سيارتها ممّا أفقدها ساقها اليسرى وذراعها، وخضوعها لعددٍ من العمليات الجراحية وبرامج التّأهيل، هي تلك الحملات الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي شنّتها أقلامٌ مُغرضة تنتمي بمعظمها لما يُسمّى تيار "المقاومة والممانعة"، بهدف الحطّ من عزيمتها النضالية ضد عصر الوصاية السورية على لبنان أولاً، ومن ثمّ ضدّ حلفائه، وخاصةً حزب الله، وغالباً ما راحت تلك الأقلام الرخيصة والدّنيئة تضرب في مكامن الإعاقة الجسدية التي خلّفتها حادثة التفجير، ممّا يُسهّل لهم التجريح والشتم وبثّ ما يكفي من سمومٍ وأحقادٍ اتجاه امرأة كانت دُرّة المؤسسة اللبنانية للإرسال(Lbc) وأيقونتها، فتاة إعلامية اشتهرت بطلّتها الصبوحة وابتسامتها الساحرة، ولُطف حضورها المميّز، مُناضلة لم تغادر الشاشة الصغيرة لتنخرط في مجريات الصراعات الأهلية الدامية التي شهدها لبنان على امتداد الربع الأخير من القرن الماضي وحتى اليوم، وحتى لحظة محاولة اغتيالها الآثمة، لم تكن شدياق أكثر من صانعة بسمة ومُحاوِرة لبقة في برنامج المؤسسة اللبنانية للإرسال " نهاركم سعيد" منذ العام ١٩٩٨ وحتى العام ٢٠٠٥، وعملت بعد ذلك كأستاذة في مواد الصحافة والتلفزيون والراديو في جامعة اللويزة.
إقرأ أيضًا: الرئيس بري..الكلام الذي لا يشفي غليلاً، ولا يفُكُّ مغيصاً
مي شدياق تعرّضت مؤخّراً ( فوق كل ما تعرضت له في حياتها الشخصية من مشاقٍّ ومصاعب) للإصابة بوباء كورونا، الذي أرعب العالم أجمع، واللبنانيون ليسوا استثناءً في ذلك، فالرّعب المتبوع بالفقر والبطالة والجوع والحرمان والإذلال أصاب معظم الفئات الاجتماعية، وهدّد السلام الاجتماعي والاقتصادي والحياتي، ومع ذلك وجد الحاقدون والشامتون مُتنفّساً لهم في بثّ المزيد من الحقد والكراهية والعدوان باتجاه السيدة المناضلة مي شدياق، والتي لم تتسبّب لأحدٍ في يومٍ من الأيام بالأذى أو الكراهية أو البغي والعدوان.
قال أبو ذرّ الغفاري: كان الناسُ ورقاً لا شوك فيه، فصاروا شوكاً لا ورق فيه. وقال: تعامل الناس بالدِّين حتى ذهب الدين، وبالحياء حتى ذهب الحياء، وبالمروءة حتى ذهبت المروءة، وقد صاروا إلى الرغبة والرهبة، وأحرى بهما أن تذهبا.