وجّه الرئيس نبيه بري للُّبنانيّين كلمة إنشائيّة وجدانيّة، يخجل أيّ طالب في الخامس ابتدائي أن يكتُبها في مثل هذه الأيام الحالكة التي يحياها اللبنانيون، لغة احتفالية مُتصنّعة خلّابة، لا تُسمن ولا تغني من جوع، يتغنّى بري بالأرز الذي لم يعد شامخاً هذه الأيام، والسيادة والاستقلال في مهبّ الريح، يتغنّى بالثلوج التي لم تعد بيضاء، فقد سوّدتها سُحب النفايات وعوادم المصانع، يُناشد شمس الصباحات التي لا تنطفئ، وهي صباحاتٌ تلُفُّها الكآبة ويحوطها الفقر والبطالة والجوع والحرمان، في عهده وعهد أمثاله من الطبقة السياسية الفاسدة، حتى7 جاءنا أخيراً وليس آخراً الوباء، يُناشد دولة الرئيس الزمن المغسول بالضوء والأعياد، الملفوف بالخبز والملح وعرَق الجبين، وما أدراك ما عرق الجبين؟
بحمده تعالى الرئيس بري ما زال يذكر عرق الجبين، بعد أن نسيَ أو كاد ينسى عرق "المحرومين"، الذين تركهم الإمام المغيب موسى الصدر أمانةً في عنقه، حتى باتوا هذه الأيام يتحسّرون على أيام الحرمان.
اقرا ايضا : خطاب السيد نصرالله وقضية فاخوري..تبرير ما لا يمكن تبريره
أخيراً، يناشدكم دولة الرئيس أن تلتزموا بيوتكم، وأن تستجيبوا لإرشادات وتوجيهات وزير صحة الثنائي الشيعي، لتسلموا ويسلم أبناؤكم وزعماؤكم معاً.
لم يفتح "دولته" خزنةً من خزائنه التي لا تعدّ ولا تُحصى، لم يُوزّع على رعاياه حبّة حنطة، ولا حفنة أرُزّ، ولا حبّة دواء، ولا ما يسُدّ غائلة الجوع، ويطفي غلّة العطش، كل ما نثره علينا، وما باعنا إياه، بضاعة فسُدت منذ زمن، هجرها أنصاف المتعلّمين قبل المتعلمين، وكانت العرب تأنف من المُتشدّق والمُتفيهق، والثرثار والمِكثار والهمّاز، وكانوا يرون أنّ "سخيف الألفاظ مُشاكلٌ لسخيف المعاني".
قال شاعرٌ من بني كِلاب:
وإذا خطبتَ على الرجال فلا تكن
خطِل الكلام تقولُهُ مُختالا
واعلم بأنّ من السُّكوت إبانةً
ومن التّكلُّمِ ما يكون خَبالا.